كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

الصَّلَاة ، بَلْ الْمُرَاد بِهَا إِقَامَة الصَّلَاة وَأَدَاؤُهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { أَقِيمُوا الصَّلَاة } قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْر السِّجِسْتَانِيّ فِي غَرَائِب الْقُرْآن : يُقَال إِقَامَتهَا أَنْ يُؤْتَى بِهَا بِحُقُوقِهَا ، يُقَال قَامَ الْأَمْر وَأَقَامَ الْأَمْر إِذَا جَاءَ بِهِ مُعْطًى حُقُوقه . اِنْتَهَى . فَالْمَعْنَى وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِد لِأَدَاءِ الصَّلَاة وَمَا رَأَى الْمُصَلِّينَ إِلَّا قَلِيلًا جَلَسَ لِانْتِظَارِ الْمُصَلِّينَ ، وَإِنْ رَآهُمْ كَثِيرًا صَلَّى ، وَأَمَّا الْإِقَامَة الْمَعْرُوفَة فَوَقْت الْقِيَام لِلْإِمَامَةِ . وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهِ ظَاهِر الْمَعْنَى ، وَهُوَ الْإِقَامَة بِالْأَلْفَاظِ الْمَعْرُوفَة ، وَأَمَّا الِانْتِظَار لِلْمَأْمُومِينَ فَبَعْدهَا ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْض الْأَحْيَان لَوْلَا فِي الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة لَفْظ كَانَ وَهُوَ يُفِيد الدَّوَام وَالِاسْتِمْرَار . وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَتْ هَذِهِ الْإِفَادَة بِمُطَّرِدَةٍ . وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَال يَنْطَبِق الْحَدِيث بِالْبَابِ لِأَنَّهُ لَمَّا أُقِيمَتْ الصَّلَاة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِس فِي الْمَسْجِد مُنْتَظِر لِلْمُصَلِّينَ فَكَيْفَ يَقُوم بَعْض الْحَاضِرِينَ فِي الصَّفّ بَلْ عَلَيْهِمْ الْجُلُوس وَاَللَّه أَعْلَم . كَذَا فِي غَايَة الْمَقْصُود .
460 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَا مِنْ ثَلَاثَة )
: وَتَقْيِيده بِالثَّلَاثَةِ الْمُفِيد مَا فَوْقهمْ بِالْأَوْلَى نَظَرًا إِلَى أَقَلّ أَهْل@

الصفحة 250