كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

أَيْ طَرَائِق الْهُدَى وَالصَّوَاب . قَالَهُ النَّوَوِيّ
( وَلَقَدْ رَأَيْتنَا )
: أَيْ نَحْنُ مُعَاشِر الصَّحَابَة أَوْ جَمَاعَة الْمُسْلِمِينَ . قَالَ الطِّيبِيُّ : قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ اِتِّحَاد الْفَاعِل وَالْمَفْعُول إِنَّمَا يَسُوغ فِي أَفْعَال الْقُلُوب وَأَنَّهَا مَنْ دَاخَلَ الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَالْمَفْعُول الثَّانِي الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَر مَحْذُوف هَاهُنَا وَسَدَّ قَوْله
( وَمَا يَتَخَلَّف عَنْهَا )
: أَيْ عَنْ صَلَاة الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد مِنْ غَيْر عُذْر أَوْ لِوَصْفِ الدَّوَام وَهُوَ حَال مَسَدّه ، وَتَبِعَهُ اِبْن حَجَر ، لَكِنْ فِي كَوْن اِتِّحَاد الْفَاعِل وَالْمَفْعُول هُنَا بَحْث إِذْ الْمُرَاد بِالْفَاعِلِ الْمُتَكَلِّم وَحْده وَبِالْمَفْعُولِ هُوَ وَغَيْره . قَالَهُ عَلِيّ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاة
( إِلَّا مُنَافِق بَيِّن النِّفَاق )
: أَيْ ظَاهِر النِّفَاق ، وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " إِلَّا مُنَافِق مَعْلُوم النِّفَاق " قَالَ الشُّمُنِّيّ : لَيْسَ الْمُرَاد بِالْمُنَافِقِ هَاهُنَا مَنْ يُبْطِن الْكُفْر وَيُظْهِر الْإِسْلَام وَإِلَّا لَكَانَتْ الْجَمَاعَة فَرِيضَة لِأَنَّ مَنْ يُبْطِن الْكُفْر كَافِر وَلَكَانَ آخِر الْكَلَام مُنَاقِضًا لِأَوَّلِهِ . اِنْتَهَى . وَفِيهِ أَنَّ مُرَاده أَنَّ النِّفَاق سَبَب التَّخَلُّف لَا عَكْسه وَأَنَّ الْجَمَاعَة وَاجِبَة عَلَى الصَّحِيح ، لَا فَرِيضَة لِلدَّلِيلِ الظَّنِّيّ ، وَأَنَّ الْمُنَاقَضَة غَيْر ظَاهِرَة . قَالَهُ فِي الْمِرْقَاة . وَقَدْ مَرَّ بَعْض بَيَان النِّفَاق فِي الْحَدِيث السَّابِق . قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا دَلِيل ظَاهِر لِصِحَّةِ مَا سَبَقَ تَأْوِيله فِي الَّذِينَ هَمَّ بِتَحْرِيقِ بُيُوتهمْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُنَافِقِينَ
( لَيُهَادَى بَيْن الرَّجُلَيْنِ )
: هُوَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ يُمْسِكهُ رَجُلَانِ مِنْ جَانِبَيْهِ بِعَضُدَيْهِ يَعْتَمِد عَلَيْهِمَا . قَالَهُ النَّوَوِيّ . وَقَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة : مَعْنَاهُ يَمْشِي بَيْنهمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا مِنْ ضَعْفه وَتَمَايُله مِنْ تَهَادَتْ الْمَرْأَة مِنْ مَشْيهَا إِذَا تَمَايَلَتْ . اِنْتَهَى . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَيْ يُرْفَد مِنْ جَانِبَيْهِ وَيُؤْخَذ بِعَضُدَيْهِ يُتَمَشَّى بِهِ إِلَى الْمَسْجِد . اِنْتَهَى . وَفِي هَذَا كُلّه تَأْكِيد أَمْر الْجَمَاعَة وَتَحَمُّل الْمَشَقَّة فِي حُضُورهَا وَأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ الْمَرِيض وَنَحْوه التَّوَصُّل@

الصفحة 255