كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

الْمَتْن يَدُلّ عَلَى جَوَازه لَا عَلَى أَفْضَلِيَّته أَوْ يُحْمَل عَلَى مَنْ لَا يَكُون لَهُ مَسْكَن أَوْ فِي مَسْكَنه شَاغِل وَنَحْوه ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَسْجِدِ ذِكْر فِي الْحَدِيث أَصْلًا ، فَالْمَعْنَى مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْته أَوْ سُوقه أَوْ شُغْله مُتَوَجِّهًا إِلَى صَلَاة الضُّحَى تَارِكًا أَشْغَال الدُّنْيَا . كَذَا فِي الْمِرْقَاة . مَا قَالَهُ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ هُوَ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالْقَوْل مَا قَالَ عَلِيّ الْقَارِي رَحِمه اللَّه
( لَا يُنْصِبهُ )
: بِضَمِّ الْيَاء مِنْ الْإِنْصَاب وَهُوَ الْإِتْعَاب مَأْخُوذ مِنْ نَصِبَ بِالْكَسْرِ إِذَا تَعِبَ وَأَنْصَبَهُ غَيْره أَيْ أَتْعَبَهُ ، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْيَاء مِنْ نَصَبَهُ أَيْ أَقَامَهُ . قَالَ زَيْن الْعَرَب . وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ هُوَ بِضَمِّ الْيَاء وَالْفَتْح اِحْتِمَال لُغَوِيّ لَا أُحَقِّقهُ رِوَايَة
( إِلَّا إِيَّاهُ )
: أَيْ لَا يُتْعِبهُ الْخُرُوج إِلَّا تَسْبِيح الضُّحَى ، وَوُضِعَ الضَّمِير الْمَنْصُوب مَوْضِع الْمَرْفُوع أَيْ لَا يُخْرِجهُ وَلَا يُزْعِجهُ إِلَّا هُوَ كَالْعَكْسِ فِي حَدِيث الْوَسِيلَة وَأَرْجُو أَنْ أَكُون أَنَا هُوَ . قَالَهُ الطِّيبِيُّ . وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : وَقَعَ الضَّمِير الْمَنْصُوب مَوْضِع الْمَرْفُوع لِأَنَّهُ اِسْتِثْنَاء مُفَرَّغ يَعْنِي لَا يُتْعِبهُ إِلَّا الْخُرُوج إِلَى تَسْبِيح الضُّحَى
( فَأَجْره كَأَجْرِ الْمُعْتَمِر )
: فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْعُمْرَة سُنَّة . قَالَهُ فِي الْمِرْقَاة
( وَصَلَاة عَلَى إِثْر صَلَاة )
: بِكَسْرِ الْهَمْزَة ثُمَّ السُّكُون أَوْ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ عَقِيبهَا
( لَا لَغْو بَيْنهمَا )
: أَيْ بِكَلَامِ الدُّنْيَا
( كِتَاب )
: أَيْ عَمَل مَكْتُوب
( فِي عِلِّيِّينَ )
: فِيهِ إِشَارَة إِلَى رَفْع دَرَجَتهَا وَقَبُولهَا . قَالَ عَلِيّ الْقَارِي : وَهُوَ عَلَم لِدِيوَانِ الْخَيْر الَّذِي دُوِّنَ فِيهِ أَعْمَال الْأَبْرَار . قَالَ تَعَالَى { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ . وَمَا أَدْرَاك مَا عِلِّيُّونَ . كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ } مَنْقُول مِنْ جَمْع عَلَى فِعِّيل مِنْ الْعُلُوّ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ مَرْفُوع إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة تَكْرِيمًا وَلِأَنَّهُ سَبَب الِارْتِفَاع إِلَى أَعْلَى الدَّرَجَات ، وَالْعِلِّيَّة بِتَشْدِيدِ اللَّام وَالْيَاء الْغُرْفَة . كَذَا قَالَهُ بَعْضهمْ ، وَقِيلَ أَرَادَ أَعْلَى الْأَمْكِنَة وَأَشْرَف الْمَرَاتِب أَيْ مُدَاوَمَة الصَّلَاة مِنْ غَيْر تَخَلُّل مَا يُنَافِيهَا لَا شَيْء مِنْ الْأَعْمَال أَعْلَى مِنْهَا فَكُنِّيَ عَنْ ذَلِكَ بِعِلِّيِّينَ . اِنْتَهَى@

الصفحة 264