كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

482 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( لَوْ أَدْرَكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
: وَفِي رِوَايَة مُسْلِم " لَوْ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى "
( مَا أَحْدَثَ النِّسَاء )
: مِنْ الزِّينَة وَالطِّيب وَحُسْن الثِّيَاب وَغَيْرهمَا
( كَمَا مُنِعَهُ نِسَاء بَنِي إِسْرَائِيل )
: الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي مُنِعَهُ يَرْجِع إِلَى الْمَسْجِد وَفِي بَعْض النُّسَخ كَمَا مُنِعَتْ
( قَالَتْ نَعَمْ )
: الظَّاهِر أَنَّهَا تَلَقَّتْهُ عَنْ عَائِشَة ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَنْ غَيْرهَا ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث عُرْوَة عَنْ عَائِشَة مَوْقُوفًا أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ صَحِيح وَلَفْظه قَالَتْ " كُنَّ نِسَاء بَنِي إِسْرَائِيل يَتَّخِذْنَ أَرْجُلًا مِنْ خَشَب يَتَشَرَّفْنَ لِلرِّجَالِ فِي الْمَسَاجِد فَحَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِنَّ الْمَسَاجِد ، وَسُلِّطَتْ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَة " وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا لَكِنَّ حُكْمه حُكْم الرَّفْع لِأَنَّهُ لَا يُقَال بِالرَّأْيِ . وَتَمَسَّكَ بَعْضهمْ بِقَوْلِ عَائِشَة فِي مَنْع النِّسَاء مُطْلَقًا . وَفِيهِ نَظَر إِذْ لَا يَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ تَغَيُّر الْحُكْم لِأَنَّهَا عَلَّقَتْهُ عَلَى شَرْط لَمْ يُوجَد بِنَاء عَلَى ظَنّ ظَنَنْته فَقَالَتْ لَوْ رَأَى لَمَنَعَ ، فَيُقَال عَلَيْهِ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَمْنَع فَاسْتَمَرَّ الْحُكْم حَتَّى أَنَّ عَائِشَة لَمْ تُصَرِّح بِالْمَنْعِ وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا يُشْعِر بِأَنَّهَا كَانَتْ تَرَى الْمَنْع . وَأَيْضًا فَقَدْ عَلِمَ اللَّه سُبْحَانه مَا سَيُحْدِثْنَ فَمَا أَوْحَى إِلَى نَبِيّه بِمَنْعِهِنَّ وَلَوْ كَانَ مَا أَحْدَثْنَ يَسْتَلْزِم مَنْعهنَّ مِنْ الْمَسَاجِد لَكَانَ مَنْعهنَّ مِنْ غَيْرهَا كَالْأَسْوَاقِ أَوْلَى وَأَيْضًا فَالْإِحْدَاث إِنَّمَا وَقَعَ مِنْ@

الصفحة 276