كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

التَّأَنِّي فِي الْحَرَكَات وَاجْتِنَاب الْعَبَث .
( فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا )
: قَالَ الْحَافِظ فِي فَتْح الْبَارِي : قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : الْفَاء جَوَاب شَرْط مَحْذُوف أَيْ إِذَا بَيَّنْت لَكُمْ مَا هُوَ أَوْلَى بِكُمْ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا . قُلْت : أَوْ التَّقْدِير إِذَا فَعَلْتُمْ ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ أَيْ فَعَلْتُمْ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِهِ مِنْ السَّكِينَة وَتَرْك الْإِسْرَاع . وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى حُصُول فَضِيلَة الْجَمَاعَة بِإِدْرَاكِ جُزْء مِنْ الصَّلَاة لِقَوْلِهِ : ( فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا ) وَلَمْ يَفْصِل بَيْن الْقَلِيل وَالْكَثِير ، وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور . وَقِيلَ : لَا تُدْرَك الْجَمَاعَة بِأَقَلّ مِنْ رَكْعَة لِلْحَدِيثِ : ( مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَة مِنْ الصَّلَاة فَقَدْ أَدْرَكَ ) وَقِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَة ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْجَوَاب عَنْهُ فِي مَوْضِعه وَأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْأَوْقَات وَأَنَّ فِي الْجُمُعَة حَدِيثًا خَاصًّا بِهَا اِنْتَهَى . قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : قَوْله فَأَتِمُّوا دَلِيل عَلَى أَنَّ الَّذِي يُدْرِكهُ الْمَرْء مِنْ صَلَاة إِمَامه هُوَ أَوَّل صَلَاته لِأَنَّ لَفْظ الْإِتْمَام وَاقِع عَلَى بَاقٍ مِنْ شَيْء قَدْ تَقَدَّمَ سَائِره وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيّ فِي أَنَّ مَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوق مِنْ صَلَاة إِمَامه هُوَ أَوَّل صَلَاته وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَبِهِ قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب@

الصفحة 279