كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

فِي فَتْح الْبَارِي : إِنَّ أَكْثَر الرِّوَايَات وَرَدَ بِلَفْظِ فَأَتِمُّوا وَأَقَلّهَا بِلَفْظِ فَاقْضُوا وَإِنَّمَا تَظْهَر فَائِدَة ذَلِكَ إِذَا جَعَلْنَا بَيْن الْإِتْمَام وَالْقَضَاء مُغَايَرَة ، لَكِنْ إِذَا كَانَ مَخْرَج الْحَدِيث وَاحِدًا وَاخْتُلِفَ فِي لَفْظَةٍ مِنْهُ وَأَمْكَنَ رَدّ الِاخْتِلَاف إِلَى مَعْنًى وَاحِد كَانَ أَوْلَى ، وَهُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَضَاء وَإِنْ كَانَ يُطْلَق عَلَى الْفَائِت غَالِبًا لَكِنَّهُ يُطْلَق عَلَى الْأَدَاء أَيْضًا ، وَيَرِدُ بِمَعْنَى الْفَرَاغ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا } وَيَرِد بِمَعَانٍ أُخَر ، فَيُحْمَل قَوْله هُنَا فَاقْضُوا عَلَى مَعْنَى الْأَدَاء أَوْ الْفَرَاغ فَلَا يُغَايِر قَوْله فَأَتِمُّوا ، فَلَا حُجَّة فِيهِ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِرِوَايَةِ : فَاقْضُوا عَلَى أَنَّ مَا أَدْرَكَهُ الْمَأْمُوم هُوَ آخِر صَلَاته حَتَّى اُسْتُحِبَّ لَهُ الْجَهْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَقِرَاءَة السُّورَة وَتَرْك الْقُنُوت بَلْ هُوَ أَوَّلهَا وَإِنْ كَانَ آخِر صَلَاة إِمَامه ، لِأَنَّ الْآخِر لَا يَكُون إِلَّا عَنْ شَيْء تَقَدَّمَهُ . وَأَوْضَح دَلِيل عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَتَشَهَّد فِي آخِر صَلَاته عَلَى كُلّ حَال ، فَلَوْ كَانَ مَا يُدْرِكهُ مَعَ الْإِمَام آخِرًا لَهُ لَمَا اِحْتَاجَ إِلَى إِعَادَة التَّشَهُّد . وَقَوْل اِبْن بَطَّال إِنَّهُ مَا تَشَهَّدَ إِلَّا لِأَجْلِ السَّلَام لِأَنَّ السَّلَام يَحْتَاج إِلَى سَبْق تَشَهُّد لَيْسَ بِالْجَوَابِ النَّاهِض عَلَى دَفْع الْإِيرَاد الْمَذْكُور . وَاسْتَدَلَّ اِبْن الْمُنْذِر لِذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح ، لَا تَكُون إِلَّا فِي الرَّكْعَة الْأُولَى . وَقَدْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى اللَّفْظَيْنِ الْجُمْهُور فَإِنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ مَا أَدْرَكَ الْمَأْمُوم هُوَ أَوَّل صَلَاته إِلَّا أَنَّهُ يَقْضِي مِثْل الَّذِي فَاتَهُ مِنْ قِرَاءَة السُّورَة مَعَ أُمّ الْقُرْآن فِي الرَّبَاعِيَة ، لَكِنْ لَمْ يَسْتَحِبُّوا لَهُ إِعَادَة الْجَهْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَكَانَ الْحُجَّة فِيهِ قَوْله " مَا أَدْرَكْت مَعَ الْإِمَام فَهُوَ أَوَّل صَلَاتك وَاقْضِ مَا سَبَقَك بِهِ مِنْ الْقُرْآن " أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَعَنْ إِسْحَاق وَالْمُزَنِيّ : لَا يَقْرَأ إِلَّا أُمّ @

الصفحة 281