كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

الْأَوْزَاعِيِّ ، وَكَانَ مَالِك وَالثَّوْرِيُّ يَكْرَهَانِ أَنْ يُعِيدُوا صَلَاة الْمَغْرِب ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَة لَا يَرَى أَنْ يُعِيد صَلَاة الْعَصْر وَالْمَغْرِب وَالْفَجْر إِذَا كَانَ قَدْ صَلَّاهُنَّ . قُلْت : وَظَاهِر الْحَدِيث حُجَّة عَلَى جَمَاعَة مَنْ مَنَعَ عَنْ شَيْء مِنْ الصَّلَوَات كُلّهَا أَلَا تَرَاهُ عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول : " إِذَا صَلَّى أَحَدكُمْ فِي رَحْله ثُمَّ أَدْرَكَ الْإِمَام وَلَمْ يُصَلِّ فَلْيُصَلِّ مَعَهُ " وَلَمْ يَسْتَثْنِ صَلَاة دُون صَلَاة . وَقَالَ أَبُو ثَوْر . لَا تُعَاد الْعَصْر وَالْفَجْر إِلَّا أَنْ يَكُون فِي الْمَسْجِد وَتُقَام الصَّلَاة فَلَا يَخْرُج حَتَّى يُصَلِّيهَا ، وَقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام " فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَة " يُرِيد الصَّلَاة الْآخِرَة مِنْهَا وَالْأُولَى فَرِيضَة . وَأَمَّا نَهْيه عَلَيْهِ السَّلَام عَنْ الصَّلَاة بَعْد الصُّبْح حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس وَبَعْد الْعَصْر حَتَّى تَغْرُب الشَّمْس فَقَدْ تَأَوَّلُوهُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى إِنْشَاء الصَّلَاة اِبْتِدَاء مِنْ غَيْر سَبَب ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهَا سَبَب مِثْل أَنْ يُصَادِف قَوْمًا يُصَلُّونَ جَمَاعَة فَإِنَّهُ يُعِيدهَا مَعَهُمْ لِيُحْرِز الْفَضِيلَة . وَالْوَجْه الْآخَر أَنَّهُ مَنْسُوخ ، وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيث يَزِيد بْن جَابِر مُتَأَخِّر لِأَنَّ فِي قِصَّته أَنَّهُ شَهِدَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّة الْوَدَاع ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيث . وَفِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهَا نَافِلَة دَلِيل عَلَى أَنَّ صَلَاة التَّطَوُّع جَائِزَة بَعْد الْفَجْر قَبْل طُلُوع الشَّمْس إِذَا كَانَ لَهَا سَبَب . وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ صَلَاته مُنْفَرِدًا مُجْزِيَة مَعَ الْقُدْرَة عَلَى صَلَاة الْجَمَاعَة وَإِنْ كَانَ تَرْك الْجَمَاعَة مَكْرُوهًا . اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَدِيث حَسَن صَحِيح .@

الصفحة 284