كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

" حَدِّثْنِي بِكَلِمَةٍ تَكُون جِمَاعًا فَقَالَ اِتَّقِ اللَّه فِيمَا تَعْلَم " وَمَعْنَى قَوْله تَكُون جِمَاعًا أَيْ كَلِمَة تَجْمَع كَلِمَات . وَالثَّانِي : بِضَمِّ الْجِيم وَشَدَّة الْمِيم وَهُوَ كُلّ مَا تَجَمَّعَ وَانْضَمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض ، وَجُمَّاع كُلّ شَيْء مُجْتَمَع خَلْقه وَجُمَّاع جَسَد الْإِنْسَان رَأْسه . وَالْجُمَّاع أَخْلَاط مِنْ النَّاس وَقِيلَ هُمْ الضُّرُوب الْمُتَفَرِّقُونَ وَالْفِرَق الْمُخْتَلِفَة مِنْ النَّاس ، وَمِنْهُ الْحَدِيث " كَانَ فِي جَبَل تِهَامَة جُمَّاع " أَيْ جَمَاعَات مِنْ قَبَائِل شَتَّى مُتَفَرِّقَة كَذَا فِي اللِّسَان مُلَخَّصًا مُحَرَّرًا . وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ يَصِحّ حَمْل كَلَام الْمُؤَلِّف ، فَلَفْظ جِمَاع فِي مِثْل هَذَا الْمَحَلّ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَاب وَالْأَبْوَاب وَالْفُصُول كَأَنَّهُ قَالَ بَاب مِنْ أَبْوَاب الْإِمَامَة ، وَمِثْله قَوْل الْبَيْهَقِيِّ فِي الْمَعْرِفَة جِمَاع مَوَاقِيت الصَّلَاة ، وَقَدْ عَرَفْت وَجْه الِاشْتِقَاق وَاَللَّه أَعْلَم كَذَا فِي غَايَة الْمَقْصُود .
492 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَأَصَابَ الْوَقْت فَلَهُ وَلَهُمْ )
: أَيْ فَلَهُ ثَوَاب صَلَاته وَلَهُمْ ثَوَاب صَلَاتهمْ
( وَمَنْ اِنْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ )
: الْوَقْت
( شَيْئًا فَعَلَيْهِ )
: أَيْ فَعَلَى الْإِمَام الْوِزْر . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَابْن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَاده عَبْد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة الْأَسْلَمِيّ الْمَدِينِيّ كُنْيَته أَبُو حَرْمَلَة وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْر وَاحِد وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِم وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " يُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ " اِنْتَهَى .@

الصفحة 288