كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير وَرِجَاله رِجَال الصَّحِيح عَنْ عَمْرو بْن سَلَمَة قَالَ " اِنْطَلَقْت مَعَ أَبِي إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِ قَوْمه فَكَانَ فِيمَا أَوْصَانَا لِيَؤُمّكُمْ أَكْثَركُمْ قُرْآنًا فَكُنْت أَكْثَرهمْ قُرْآنًا فَقَدَّمُونِي " وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ . وَقِيلَ أَحْسَنهمْ قِرَاءَة وَإِنْ كَانَ أَقَلّهمْ حِفْظًا ، وَقِيلَ أَعْلَمهُمْ بِأَحْكَامِهِ
( وَأَقْدَمهمْ قِرَاءَة )
: وَكَذَا قَالَ يَحْيَى الْقَطَّان عَنْ شُعْبَة أَقْدَمهمْ قِرَاءَة . وَرَوَى الْأَعْمَش عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء هَذَا الْحَدِيث وَقَالَ فِيهِ " فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فَأَعْلَمهُمْ بِالسُّنَّةِ ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّة سَوَاء فَأَقْدَمهمْ هِجْرَة " وَلَمْ يَقُلْ فَأَقْدَمهمْ قِرَاءَة كَمَا يُصَرِّح بِهِ الْمُؤَلِّف بَعْد هَذَا الْحَدِيث قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : وَهَذِهِ الرِّوَايَة مُخَرَّجَة مِنْ طَرِيق شُعْبَة عَلَى مَا ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ . وَالصَّحِيح مِنْ هَذَا رِوَايَة سُفْيَان عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن مَالِك قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْر بْن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَان عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء عَنْ أَوْس بْن ضَمْعَج عَنْ أَبِي مَسْعُود الْبَدْرِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " يَؤُمّ الْقَوْم أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّه ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فَأَعْلَمهُمْ بِالسُّنَّةِ ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّة سَوَاء فَأَقْدَمهمْ هِجْرَة ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَة سَوَاء فَأَقْدَمهمْ سِنًّا " قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمُسْتَقِيم فِي التَّرْتِيب اِنْتَهَى
( فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَة )
: أَيْ فِي مِقْدَارهَا أَوْ حُسْنهَا أَوْ فِي الْعِلْم بِهَا
( سَوَاء )
: أَيْ مُسْتَوِينَ
( فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمهمْ هِجْرَة )
: هَذَا شَامِل لِمَنْ تَقَدَّمَ هِجْرَة سَوَاء كَانَ فِي زَمَنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْده كَمَنْ يُهَاجِر مِنْ دَار الْكُفْر إِلَى دَار الْإِسْلَام . وَأَمَّا حَدِيث " لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح " فَالْمُرَاد بِهِ الْهِجْرَة مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة أَوْ لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح فَضْلهَا كَفَضْلِ الْهِجْرَة قَبْل الْفَتْح وَهَذَا لَا بُدّ مِنْهُ لِلْجَمْعِ@

الصفحة 290