كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

بَيْن الْأَحَادِيث
( أَكْبَرهمْ سِنًّا )
: أَيْ يُقَدَّم فِي الْإِمَامَة مَنْ كَبِرَ سِنّه فِي الْإِسْلَام لِأَنَّ ذَلِكَ فَضِيلَة يُرَجَّح بِهَا
( وَلَا يُؤَمّ الرَّجُل فِي بَيْته )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّ صَاحِب الْمَنْزِل أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ فِي بَيْته إِذَا كَانَ مِنْ الْقِرَاءَة أَوْ الْعِلْم بِمَحَلٍّ يُمَكِّنهُ أَنْ يُقِيم الصَّلَاة . وَقَدْ رَوَى مَالِك بْن الْحُوَيْرِث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمّهُمْ "
( وَلَا فِي سُلْطَانه )
: فَهَذَا فِي الْجُمُعَات وَالْأَعْيَاد لِتَعَلُّقِ هَذِهِ الْأُمُور بِالسَّلَاطِينِ ، فَأَمَّا فِي الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَات فَأَعْلَمهُمْ أَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ ، فَإِنْ جَمَعَ السُّلْطَان هَذِهِ الْفَضَائِل كُلّهَا فَهُوَ أَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ . وَكَانَ أَحْمَد بْن حَنْبَل يَرَى الصَّلَاة خَلْف أَئِمَّة الْجَوْر وَلَا يَرَاهَا خَلْف أَهْل الْبِدَع . وَقَدْ يُتَأَوَّل أَيْضًا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام " وَلَا فِي سُلْطَانه " عَلَى مَعْنَى مَا يَتَسَلَّط عَلَيْهِ الرَّجُل مِنْ مِلْكه فِي بَيْته أَوْ يَكُون إِمَام مَسْجِده فِي قَوْمه وَقَبِيلَته قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ
( وَلَا يُجْلَس عَلَى تَكْرِمَته )
: أَيْ فِرَاشه وَسَرِيره وَمَا يُعَدّ لِإِكْرَامِهِ مِنْ وَطْء وَنَحْوه . قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ تَحْت هَذَا الْحَدِيث : وَذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ جَعَلَ مِلَاك أَمْر الْإِمَامَة الْقِرَاءَة وَجَعَلَهَا مُقَدَّمَة عَلَى سَائِر الْخِصَال الْمَذْكُور مَعَهَا ، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا أُمِّيِّينَ لَا يَقْرَءُونَ فَمَنْ تَعَلَّمَ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآن ، كَانَ أَحَقّ بِالْإِمَامَةِ @

الصفحة 291