كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

فَهُوَ مُقَدَّم عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ لِآبَائِهِ سَابِقَة أَوْ كَانُوا مِمَّنْ بَنَى الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ ، فَإِذَا كَانُوا مُتَسَاوِينَ فِي هَذِهِ الْحَالَات الثَّلَاثَة فَأَكْبَرهمْ سِنًّا مُقَدَّم عَلَى مَنْ هُوَ أَصْغَر سِنًّا لِفَضِيلَةِ السِّنّ ، وَلِأَنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَ أَصْحَابه فِي السِّنّ فَقَدْ تَقَدَّمَهُمْ فِي الْإِسْلَام فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَته ، وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيب تُوجَد أَقَاوِيل أَكْثَر الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْبَاب . قَالَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح : يَؤُمّهُمْ أَفْقَههمْ فَإِنْ كَانُوا فِي الْفِقْه سَوَاء فَأَقْرَؤُهُمْ ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْفِقْه وَالْقِرَاءَة سَوَاء فَأَسَنّهمْ ، وَقَالَ مَالِك : يَتَقَدَّم الْقَوْم أَعْلَمهُمْ ، فَقِيلَ لَهُ : أَقْرَؤُهُمْ ، فَقَالَ : قَدْ يَقْرَأ مَنْ لَا يُرْضَى ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : يَؤُمّهُمْ أَفْقَههمْ . وَقَالَ الشَّافِعِيّ . إِذَا لَمْ تَجْتَمِع الْقِرَاءَة وَالْفِقْه وَالسِّنّ فِي وَاحِد قَدَّمُوا أَفْقَههمْ إِذَا كَانَ يَقْرَأ مِنْ الْقُرْآن مَا يَكْتَفِي بِهِ فِي الصَّلَاة وَإِنْ قَدَّمُوا أَقْرَأهُمْ إِذَا كَانَ يَعْلَم مِنْ الْفِقْه مَا يَلْزَمهُ فِي الصَّلَاة فَحَسَن . وَقَالَ أَبُو ثَوْر : يَؤُمّهُمْ أَفْقَههمْ إِذَا كَانَ يَقْرَأ الْقُرْآن وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ كُلّه . وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق يُقَدِّمُونَ الْقِرَاءَة قَوْلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيث . اِنْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيّ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
495 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( كُنَّا بِحَاضِرٍ )
: قَالَ الْخَطَّابِيّ : الْحَاضِر الْقَوْم النُّزُول عَلَى مَا يُقِيمُونَ بِهِ لَا يَرْحَلُونَ عَنْهُ وَرُبَّمَا جَعَلُوهُ اِسْمًا لِمَكَانِ الْحُضُور يُقَال : نَزَلْنَا حَاضِر بَنِي فُلَان فَهُوَ فَاعِل بِمَعْنَى مَفْعُول
( يَمُرّ بِنَا النَّاس )
. اِسْتِئْنَاف أَوْ حَال مِنْ ضَمِير الِاسْتِقْرَار@

الصفحة 293