كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)
وَبِقَوْمِهِ فَرِيضَة قَالَ وَهَذَا فَاسِد إِذْ لَا يَجُوز عَلَى مُعَاذ أَنْ يُدْرِك الْفَرْض وَهُوَ أَفْضَل الْعَمَل مَعَ أَفْضَل الْخَلْق وَيَتْرُكهُ وَيُضَيِّع حَظّه مِنْهُ وَيَقْنَع مِنْ ذَلِكَ بِالنَّفْلِ الَّذِي لَا طَائِل فِيهِ . وَيَدُلّ عَلَى فَسَاد هَذَا التَّأْوِيل قَوْل الرَّاوِي : كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاء وَهِيَ صَلَاة الْفَرِيضَة ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة " فَلَمْ يَكُنْ مُعَاذ يَتْرُك الْمَكْتُوبَة بَعْد أَنْ شَهِدَهَا وَقَدْ أُقِيمَتْ ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفِقْهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام " أَفْقَهكُمْ مُعَاذ " اِنْتَهَى . قُلْت : لَا شَكّ أَنَّ صَلَاة مُعَاذ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ هِيَ الْفَرِيضَة وَصَلَاته بِقَوْمِهِ كَانَتْ نَافِلَة ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق وَالشَّافِعِيّ وَالطَّحَاوِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرهمْ مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ جَابِر فِي حَدِيث الْبَاب زَادَ " هِيَ لَهُ تَطَوُّع وَلَهُمْ فَرِيضَة " وَهُوَ حَدِيث صَحِيح . وَقَدْ صَرَّحَ اِبْن جُرَيْجٍ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق بِسَمَاعِهِ فِيهِ فَانْتَقَلَتْ تُهْمَةُ التَّدْلِيس . قَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِي الْفَتْح : وَأَسْلَم الْأَجْوِبَة التَّمَسُّك بِهَذِهِ الزِّيَادَة . وَأَجَابَ الْحَافِظ عَنْ تَأْوِيلَات الطَّحَاوِيّ الرَّكِيكَة جَوَابًا حَسَنًا وَأَوْرَدَ فِي هَذَا الْبَاب أَبْحَاثًا لَطِيفَة مُفِيدَة فِي فَتْح الْبَارِي فَارْجِعْ إِلَيْهِ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
وَفِي بَعْض النُّسَخ إِذَا صَلَّى الْإِمَام قَاعِدًا .@
الصفحة 310