كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

يَسَاره . وَقِيلَ مَعْنَاهُ يُقْبِل عَلَيْنَا عِنْد الِانْصِرَاف
( فَيُقْبِل عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
: قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : قِيلَ الْحِكْمَة فِي اِسْتِقْبَال الْمَأْمُومِينَ أَنْ يُعَلِّمهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ ، فَعَلَى هَذَا يَخْتَصّ بِمَنْ كَانَ فِي مِثْل حَاله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَصْد التَّعْلِيم وَالْمَوْعِظَة ، وَقِيلَ الْحِكْمَة فِيهِ تَعْرِيف الدَّاخِل بِأَنَّ الصَّلَاة اِنْقَضَتْ إِذْ لَوْ اِسْتَمَرَّ الْإِمَام عَلَى حَاله لَأَوْهَمَ أَنَّهُ فِي التَّشَهُّد مَثَلًا . وَقَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير : اِسْتِدْبَار الْإِمَام الْمَأْمُومِينَ إِنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الْإِمَامَة فَإِذَا اِنْقَضَتْ الصَّلَاة زَالَ السَّبَب ، فَاسْتِقْبَالهمْ حِينَئِذٍ يَرْفَع الْخُيَلَاء وَالتَّرَفُّع عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَاَللَّه أَعْلَم . اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَفِي حَدِيث أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ عُبَيْد بْن الْبَرَاء عَنْ أَبِيهِ ، وَفِي حَدِيث اِبْن مَاجَهْ عَنْ اِبْن الْبَرَاء عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ قُلْت : أَخْرَجَهُ مُسْلِم أَيْضًا .
521 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( لَا يُصَلِّي الْإِمَام فِي الْمَوْضِع الَّذِي صَلَّى فِيهِ حَتَّى يَتَحَوَّل )
: أَيْ يَنْصَرِف وَيَنْتَقِل عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِع . وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى مَشْرُوعِيَّة اِنْتِقَال الْمُصَلِّي عَنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ لِكُلِّ صَلَاة يَفْتَتِحهَا مِنْ أَفْرَاد النَّوَافِل . أَمَّا الْإِمَام فَبِنَصِّ الْحَدِيث وَأَمَّا الْمُؤْتَمّ وَالْمُنْفَرِد فَبِعُمُومِ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَيُعْجِزُ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى أَحَدكُمْ أَنْ يَتَقَدَّم أَوْ يَتَأَخَّر أَوْ عَنْ يَمِينه أَوْ عَنْ شِمَاله " . وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِمَام . وَالْعِلَّة فِي ذَلِكَ تَكْثِير مَوَاضِع الْعِبَادَة كَمَا قَالَ الْبُخَارِيّ وَالْبَغَوِيّ لِأَنَّ مَوَاضِع السُّجُود تَشْهَد لَهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : { يَوْمَئِذٍ @

الصفحة 323