كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي الْعَقِيقَة " أُتِيَ بِصَبِيٍّ يُحَنِّكهُ " وَالْحَاصِل أَنَّ الْمُرَاد بِالطَّعَامِ مَا عَدَا اللَّبَن يَرْتَضِعهُ وَالتَّمْر الَّذِي يُحَنَّك بِهِ وَالْعَسَل الَّذِي يُلْعِقهُ لِلْمُدَاوَاةِ وَغَيْرهَا ، فَكَأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ لَمْ يَحْصُل لَهُ الِاغْتِذَاء بِغَيْرِ اللَّبَن عَلَى الِاسْتِقْلَال
( فَأَجْلَسَهُ )
: أَيْ الِابْن
( فِي حَجْره )
: بِفَتْحِ الْحَاء عَلَى الْأَشْهَر وَتُكْسَر وَتُضَمّ كَمَا فِي الْمُحْكَم وَغَيْره أَيْ حِضْنه أَيْ وَضَعَهُ إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ كَانَ كَمَا وُلِدَ ، وَيَحْتَمِل أَنَّ الْجُلُوس حَصَلَ مِنْهُ عَلَى الْعَادَة إِنْ قُلْنَا كَانَ فِي سِنّ مَنْ يَحْبُو كَمَا فِي قِصَّة الْحَسَن . قَالَهُ الْحَافِظ فِي الْفَتْح
( فَبَالَ عَلَى ثَوْبه )
: أَيْ ثَوْب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ )
: بِالضَّادِ الْمُعْجَمَة وَالْحَاء الْمُهْمَلَة . قَالَ الْجَوْهَرِيّ وَصَاحِب الْقَامُوس وَصَاحِب الْمِصْبَاح النَّضْح الرَّشّ ، وَقَالَ اِبْن الْأَثِير وَقَدْ نَضَحَ عَلَيْهِ الْمَاء وَنَضَحَهُ بِهِ : إِذَا رَشّه عَلَيْهِ ، وَقَدْ يَرِد النَّضْح بِمَعْنَى الْغَسْل وَالْإِزَالَة ، وَمِنْهُ الْحَدِيث وَنَضَحَ الدَّم عَنْ جَبِينه . وَحَدِيث الْحَيْض ثُمَّ لِتَنْضَحهُ أَيْ تَغْسِلهُ اِنْتَهَى مُخْتَصَرًا . وَقَالَ فِي لِسَان الْعَرَب النَّضْح الرَّشّ نَضَحَ عَلَيْهِ الْمَاء يَنْضَحهُ نَضْحًا إِذَا ضَرَبَهُ بِشَيْءٍ فَأَصَابَهُ مِنْهُ رَشَاش . وَفِي حَدِيث قَتَادَةَ النَّضْح مِنْ النَّضْح يُرِيد مَنْ أَصَابَهُ نَضْح مِنْ الْبَوْل وَهُوَ الشَّيْء الْيَسِير مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْضَحهُ بِالْمَاءِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْله . قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ هُوَ أَنْ يُصِيبهُ مِنْ الْبَوْل رَشَاش كَرُءُوسِ الْإِبَر . وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ النَّضْح مَا كَانَ عَلَى اِعْتِمَاد وَهُوَ مَا نَضَحْته بِيَدِك مُعْتَمِدًا وَالنَّضْح مَا كَانَ عَلَى غَيْر اِعْتِمَاد ، وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد وَكُلّه رَشّ ، وَانْتَضَحَ نَضَحَ شَيْئًا مِنْ مَاء عَلَى فَرْجه بَعْد الْوُضُوء وَالِانْتِضَاح بِالْمَاءِ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذ مَاء قَلِيلًا فَيَنْضَح بِهِ مَذَاكِيره وَمُؤْتَزره بَعْد فَرَاغه مِنْ الْوُضُوء لِيَنْفِيَ بِذَلِكَ عَنْهُ الْوَسْوَاس اِنْتَهَى مُلَخَّصًا . وَالْحَاصِل أَنَّ النَّضْح يَجِيء لِمَعَانٍ مِنْهَا الرَّشّ ، وَمِنْهَا الْغَسْل ، وَمِنْهَا الْإِزَالَة ، وَمِنْهَا غَيْر ذَلِكَ@

الصفحة 34