كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

حَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب وَمَا بَعْده صَارِفًا لِلْأَوَامِرِ الْمَذْكُورَة الْمُعَلَّلَة بِالْمُخَالَفَةِ لِأَهْلِ الْكِتَاب مِنْ الْوُجُوب إِلَى النَّدْب ، لِأَنَّ التَّخْيِير وَالتَّفْوِيض إِلَى الْمِشْيَة بَعْد تِلْكَ الْأَوَامِر لَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَاب كَمَا فِي حَدِيث " بَيْن كُلّ أَذَانَيْنِ صَلَاة لِمَنْ شَاءَ " وَهَذَا أَعْدَل الْمَذَاهِب وَأَقْوَاهَا عِنْدِي . هَذَا خُلَاصَة مَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ . وَفِي الْفَتْح قَالَ اِبْن بَطَّال هُوَ مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا نَجَاسَة ، ثُمَّ هِيَ مِنْ الرُّخَص كَمَا قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد لَا مِنْ الْمُسْتَحَبَّات ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْخُل فِي الْمَعْنَى الْمَطْلُوب مِنْ الصَّلَاة ، وَهُوَ إِنْ كَانَ مِنْ مَلَابِس الزِّينَة إِلَّا أَنَّ مُلَامَسَة الْأَرْض الَّتِي تَكْثُر فِيهَا النَّجَاسَات قَدْ تَقْصُر عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَة . وَإِذَا تَعَارَضَتْ مُرَاعَاة مَصْلَحَة التَّحْسِين وَمُرَاعَاة إِزَالَة النَّجَاسَة قُدِّمَتْ الثَّانِيَة لِأَنَّهَا مِنْ بَاب دَفْع الْمَفَاسِد وَالْأُخْرَى مِنْ بَاب جَلْب الْمَصَالِح ، قَالَ إِلَّا أَنْ يَرِد دَلِيل بِإِلْحَاقِهِ بِمَا يَتَجَمَّل بِهِ فَيُرْجَع إِلَيْهِ وَيُتْرَك هَذَا النَّظَر . قُلْت : قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث شَدَّاد بْن أَوْس مَرْفُوعًا ( خَالِفُوا الْيَهُود فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالهمْ وَلَا خِفَافهمْ ) فَيَكُون اِسْتِحْبَاب ذَلِكَ مِنْ جِهَة قَصْد الْمُخَالَفَة الْمَذْكُورَة . وَوَرَدَ فِي كَوْن الصَّلَاة فِي النِّعَال مِنْ الزِّينَة الْمَأْمُور بِأَخْذِهَا فِي الْآيَة حَدِيث ضَعِيف جِدًّا أَوْرَدَهَا اِبْن عَدِيّ فِي الْكَامِل وَابْن مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيره مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَالْعُقَيْلِيّ مِنْ حَدِيث أَنَس اِنْتَهَى .
557 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( يُصَلِّي حَافِيًا )
: أَيْ بِلَا نِعَال تَارَة
( وَمُتَنَعِّلًا )
: أُخْرَى وَهُوَ مِنْ التَّنَعُّل ، وَفِي نُسْخَة ( مُنْتَعِلًا ) مِنْ الِانْتِعَال . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ .@

الصفحة 355