كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

بِالْخُيُوطِ وَسُمِّيَتْ خُمْرَة لِأَنَّهَا تُخَمِّر وَجْه الْأَرْض أَيْ تَسْتُرهُ . وَفِيهِ مِنْ الْفِقْه جَوَاز الصَّلَاة عَلَى الْحُصُر وَالْبُسُط وَنَحْوهَا . وَقَالَ بَعْض السَّلَف : يُكْرَه أَنْ يُصَلَّى إِلَّا عَلَى جُدُد الْأَرْض ، وَكَانَ بَعْضهمْ يُجِيز الصَّلَاة عَلَى كُلّ شَيْء يُعْمَل مِنْ نَبَات الْأَرْض ، فَأَمَّا مَا يُتَّخَذ مِنْ أَصْوَاف الْحَيَوَان وَشُعُورهَا فَإِنَّهُ كَانَ يَكْرَههُ . اِنْتَهَى قَالَ اِبْن بَطَّال : لَا خِلَاف بَيْن فُقَهَاء الْأَمْصَار فِي جَوَاز الصَّلَاة عَلَيْهَا إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز أَنَّهُ كَانَ يُؤْتَى بِتُرَابٍ فَيُوضَع عَلَى الْخُمْرَة فَيَسْجُد عَلَيْهَا ، وَلَعَلَّهُ كَانَ يَفْعَلهُ عَلَى جِهَة الْمُبَالَغَة فِي التَّوَاضُع وَالْخُشُوع فَلَا يَكُون فِيهِ مُخَالَفَة لِلْجَمَاعَةِ وَقَدْ رَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر أَنَّهُ كَانَ يَكْرَه الصَّلَاة عَلَى شَيْء دُون الْأَرْض ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ غَيْر عُرْوَة . وَيَحْتَمِل أَنْ يُحْمَل عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه وَاَللَّه أَعْلَم كَذَا قَالَ الْحَافِظ .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
قَالَ اِبْن بَطَّال : إِنْ كَانَ مَا يُصَلِّي عَلَيْهِ كَبِيرًا قَدْر طُول الرَّجُل فَأَكْثَر فَإِنَّهُ يُقَال لَهُ حَصِير وَلَا يُقَال لَهُ خُمْرَة ، وَكُلّ ذَلِكَ يُصْنَع مِنْ سَعَف النَّخْل وَمَا أَشْبَهَهُ .
561 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( قَالَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار )
: قِيلَ إِنَّهُ عِتْبَان بْن مَالِك وَهُوَ مُحْتَمِل لِتَقَارُبِ الْقِصَّتَيْنِ لَكِنْ لَمْ أَرَ ذَلِكَ صَرِيحًا . قَالَهُ الْحَافِظ
( إِنِّي رَجُل ضَخْم )
: أَيْ سَمِين ، وَفِي هَذَا الْوَصْف إِشَارَة إِلَى عِلَّة تَخَلُّفه وَقَدْ عَدَّهُ اِبْن حِبَّان مِنْ الْأَعْذَار الْمُرَخِّصَة@

الصفحة 358