كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

النَّاس فِي هَذَا فَذَهَبَ عَامَّة الْفُقَهَاء إِلَى جَوَازه مَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَد وَأَصْحَاب الرَّأْي وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ . وَقَالَ الشَّافِعِيّ : لَا يَجْزِيه ذَلِكَ كَمَا لَا يَجْزِيه السُّجُود عَلَى كُور الْعِمَامَة ، وَيُشْبِه أَنْ يَكُون تَأْوِيل حَدِيث أَنَس عِنْده أَنْ يَبْسُط ثَوْبًا هُوَ غَيْر لَابِسه . اِنْتَهَى . قُلْت : وَحَمَلَهُ الشَّافِعِيّ عَلَى الثَّوْب الْمُنْفَصِل وَأَيَّدَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا الْحَمْل بِمَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ ؛ مِنْ هَذَا الْوَجْه بِلَفْظِ : " فَيَأْخُذ أَحَدنَا الْحَصَى فِي يَده ، فَإِذَا بَرَدَ وَضَعَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ " قَالَ : فَلَوْ جَازَ السُّجُود عَلَى شَيْء مُتَّصِل بِهِ لَمَا اِحْتَاجُوا إِلَى تَبْرِيد الْحَصَى مَعَ طُول الْأَمْر فِيهِ ، وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون الَّذِي كَانَ يُبَرِّد الْحَصَى لَمْ يَكُنْ فِي ثَوْبه فَضْلَة يَسْجُد عَلَيْهَا مَعَ بَقَاء سُتْرَته لَهُ ، وَالْحَقّ مَا قَالَهُ مَالِك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق . وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز الْعَمَل الْقَلِيل فِي الصَّلَاة وَمُرَاعَاة الْخُشُوع فِيهَا لِأَنَّ الظَّاهِر أَنَّ صَنِيعهمْ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ التَّشْوِيش الْعَارِض مِنْ حَرَارَة الْأَرْض . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
565 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عِنْد رَبّهمْ )
: أَيْ عِنْد قِيَامهمْ لِطَاعَةِ رَبّهمْ ، أَوْ عِنْد عَرْش رَبّهمْ
( يُتِمُّونَ@

الصفحة 361