كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

قَالَ " أَقِيمُوا صُفُوفكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاء ظَهْرِي " وَكَانَ أَحَدنَا يُلْزِق مَنْكِبه بِمَنْكِبِ صَاحِبه وَقَدَمه بِقَدَمِهِ . وَقَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : قَوْله عَنْ أَنَس رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ هُشَيْم ، فَصَرَّحَ فِيهِ بِتَحْدِيثِ أَنَس لِحُمَيْد وَفِيهِ الزِّيَادَة الَّتِي فِي آخِره وَهِيَ قَوْله وَكَانَ أَحَدنَا إِلَى آخِره ، وَصَرَّحَ بِأَنَّهَا مِنْ قَوْل أَنَس ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة مَعْمَر عَنْ حُمَيْدٍ بِلَفْظِ قَالَ أَنَس : فَرَأَيْت أَحَدنَا إِلَى آخِره ، وَأَفَادَ هَذَا التَّصْرِيح أَنَّ الْفِعْل الْمَذْكُور كَانَ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبِهَذَا يَتِمّ الِاحْتِجَاج بِهِ عَلَى بَيَان الْمُرَاد بِإِقَامَةِ الصَّفّ وَتَسْوِيَته ، وَزَادَ مَعْمَر فِي رِوَايَته : وَلَوْ فَعَلْت ذَلِكَ بِأَحَدِهِمْ الْيَوْم لَنَفَرَ ، كَأَنَّهُ بَغْل شَمُوس . اِنْتَهَى . قَالَ فِي التَّعْلِيق الْمُغْنِي : فَهَذِهِ الْأَحَادِيث فِيهَا دَلَالَة وَاضِحَة عَلَى اِهْتِمَام تَسْوِيَة الصُّفُوف وَأَنَّهَا مِنْ إِتْمَام الصَّلَاة ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَخَّر بَعْض عَلَى بَعْض وَلَا يَتَقَدَّم بَعْضه عَلَى بَعْض ، وَعَلَى أَنَّهُ يُلْزِق مَنْكِبه بِمَنْكِبِ صَاحِبه وَقَدَمه بِقَدَمِهِ وَرُكْبَته بِرُكْبَتِهِ ، لَكِنْ الْيَوْم تُرِكَتْ هَذِهِ السُّنَّة ، وَلَوْ فُعِلَتْ الْيَوْم لَنَفَرَ النَّاس كَالْحُمُرِ الْوَحْشِيَّة . فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : أَبُو الْقَاسِم الْجَدَلِيّ هَذَا اِسْمه الْحُسَيْن بْن الْحَارِث سَمِعَ مِنْ النُّعْمَان بْن بَشِير يُعَدّ فِي الْكُوفِيِّينَ .
567 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( كَمَا يُقَوِّمُ الْقِدْح )
: بِكَسْرِ الْقَاف هُوَ خَشَب السَّهْم حِين يُنْحَت وَيُبْرَى . قَالَ الْخَطَّابِيّ : الْقِدْح خَشَب السَّهْم إِذَا بُرِيَ وَأُصْلِحَ قَبْل أَنْ يُرَكَّب فِي النَّصْل الرِّيش اِنْتَهَى . مَعْنَاهُ يُبَالِغ فِي تَسْوِيَتهَا حَتَّى تَصِير كَأَنَّمَا يُقَوَّم بِهَا السِّهَام لِشِدَّةِ @

الصفحة 363