كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
: عَنْ زَجْرهمْ
( إِنَّمَا بُعِثْتُمْ )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول
( مُيَسِّرِينَ )
. حَال أَيْ مُسَهِّلِينَ عَلَى النَّاس
( وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ )
: عَطْف عَلَى السَّابِق عَلَى طَرِيق الطَّرْد وَالْعَكْس مُبَالَغَة فِي الْيُسْر قَالَهُ الطِّيبِيُّ . أَيْ فَعَلَيْكُمْ بِالتَّيْسِيرِ أَيّهَا الْأُمَّة
( صُبُّوا )
: الصَّبّ : السَّكْب
( عَلَيْهِ )
: وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارَيَّ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْله
( سَجْلًا مِنْ مَاء )
: بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم قَالَ أَبُو حَاتِم السِّجِسْتَانِيُّ : هُوَ الدَّلْو مَلْأَى ، وَلَا يُقَال لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فَارِغَة . وَقَالَ اِبْن دُرَيْدٍ : السَّجْل : الدَّلْو وَاسِعَة وَفِي الصِّحَاح : الدَّلْو الضَّخِيمَة
( أَوْ قَالَ ذَنُوبًا )
: بِفَتْحِ الذَّال الْمُعْجَمَة . قَالَ الْخَلِيل : الدَّلْو مَلْأَى مَاء وَقَالَ اِبْن فَارِس : الدَّلْو الْعَظِيمَة . وَقَالَ اِبْن السِّكِّيت : فِيهَا قَرِيب مِنْ الْمَلَاء ، وَلَا يُقَال لَهَا وَهِيَ فَارِغَة ذَنُوب ، فَعَلَى التَّرَادُف أَوْ لِلشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي وَإِلَّا فَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ ؛ وَالْأَوَّل أَظْهَر ، فَإِنَّ رِوَايَة أَنَس لَمْ يُخْتَلَف فِي أَنَّهَا ذَنُوب . قَالَهُ الْحَافِظ فِي الْفَتْح . قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَاء إِذَا وَرَدَ عَلَى النَّجَاسَة عَلَى سَبِيل الْمُكَاثَرَة وَالْغَلَبَة طَهَّرَهَا وَأَنَّ غُسَالَة النَّجَاسَات طَاهِر مَا لَمْ يَبِنْ لِلنَّجَاسَةِ فِيهَا لَوْن وَلَا رِيح ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَاء طَاهِرًا لَكَانَ الْمَصْبُوب مِنْهُ عَلَى الْبَوْل أَكْثَر تَنْجِيسًا لِلْمَسْجِدِ مِنْ الْبَوْل نَفْسه ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طَهَارَته . اِنْتَهَى كَلَامه . وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى تَطْهِير الْأَرْض النَّجِسَة بِالْمُكَاثَرَةِ بِالْمَاءِ ، وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يُكْتَفَى بِإِفَاضَةِ الْمَاء ، وَلَا يُشْتَرَط نَقْل التُّرَاب مِنْ الْمَكَان بَعْد ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهِ . وَوَجْه الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيث الْأَمْر بِنَقْلِ التُّرَاب ، وَظَاهِر ذَلِكَ الِاكْتِفَاء بِصَبِّ الْمَاء فَإِنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَأَمَرَ بِهِ وَلَوْ أَمَرَ بِهِ لَذُكِرَ ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيث آخَر الْأَمْر بِنَقْلِ التُّرَاب وَلَكِنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهِ .@

الصفحة 40