كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

618 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( نَظَرَ إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ أَصْحَابه مِنْ بَعْده )
: قُلْت : قَدْ ذَهَبَ أَكْثَر الصَّحَابَة رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ إِلَى أَنْ لَا يَقْطَع الصَّلَاة شَيْء . أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَعَمَّار : " لَا يَقْطَع صَلَاة الْمُسْلِم شَيْء وَادْرَءُوا مَا اِسْتَطَعْتُمْ " وَعَنْ عَلِيّ " لَا يَقْطَع صَلَاة الْمُسْلِم كَلْب وَلَا حِمَار وَلَا اِمْرَأَة وَلَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الدَّوَابّ " وَعَنْ حُذَيْفَة أَنَّهُ قَالَ " لَا يَقْطَع صَلَاتك شَيْء " وَعَنْ عُثْمَان نَحْوه . وَقَالَ الْحَافِظ : أَخْرَجَ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ عَلِيّ وَعُثْمَان وَغَيْرهمَا نَحْو ذَلِكَ مَوْقُوفًا أَيْ نَحْو حَدِيث أَبِي سَعِيد الْمَرْفُوع " لَا يَقْطَع الصَّلَاة شَيْء " قَالَ التِّرْمِذِيّ : وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكْثَر أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ التَّابِعِينَ . قَالُوا : لَا يَقْطَع الصَّلَاة شَيْء ، وَبِهِ يَقُول سُفْيَان وَالشَّافِعِيّ ثُمَّ ذَكَرَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث أَبِي ذَرّ وَقَالَ : حَدِيث أَبِي ذَرّ حَدِيث صَحِيح . وَقَدْ ذَهَبَ بَعْض أَهْل الْعِلْم إِلَيْهِ قَالُوا : يَقْطَع الصَّلَاة الْحِمَار وَالْمَرْأَة وَالْكَلْب الْأَسْوَد . اِنْتَهَى . فَعِنْد الْمُؤَلِّف الرَّاجِح هُوَ عَدَم الْقَطْع . وَمَالَ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْره إِلَى أَنَّ حَدِيث أَبِي ذَرّ وَمَا وَافَقَهُ مَنْسُوخ بِحَدِيثِ عَائِشَة وَغَيْرهَا . وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّسْخ لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا عُلِمَ التَّارِيخ ، وَتَعَذَّرَ الْجَمْع وَالتَّارِيخ هُنَا لَمْ يَتَحَقَّق وَالْجَمْع لَمْ يَتَعَذَّر . وَمَالَ الشَّافِعِيّ وَغَيْره إِلَى تَأْوِيل الْقَطْع فِي حَدِيث أَبِي ذَرّ بِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ نَقْض الْخُشُوع لَا الْخُرُوج مِنْ الصَّلَاة . وَقَالَ بَعْضهمْ : حَدِيث أَبِي ذَرّ مُقَدَّم لِأَنَّ حَدِيث عَائِشَة عَلَى أَصْل الْإِبَاحَة ، وَهُوَ مَبْنِيّ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَعَارِضَانِ ، وَمَعَ إِمْكَان الْجَمْع الْمَذْكُور لَا تَعَارُض . وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم .@

الصفحة 406