كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

عَلَى النَّافِي وَقَدْ صَحَّحَهُ بَعْض أَهْل الْحَدِيث لَكِنَّهُ اِسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عَدَم الْوُجُوب ، وَالطَّحَاوِيّ إِنَّمَا نَصَبَ الْخِلَاف مَعَ مَنْ يَقُول بِوُجُوبِهِ كَالْأَوْزَاعِيّ وَبَعْض أَهْل الظَّاهِر . وَذَكَرَ الْبُخَارِيّ أَنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَة عَشَر رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَة . وَذَكَرَ الْحَاكِم وَأَبُو الْقَاسِم اِبْن مَنْدَهْ مِمَّنْ رَوَاهُ الْعَشَرَة الْمُبَشَّرَة . وَذَكَرَ شَيْخنَا أَبُو الْفَضْل الْحَافِظ أَنَّهُ تَتَبَّعَ مَنْ رَوَاهُ مِنْ الصَّحَابَة فَبَلَغُوا خَمْسِينَ رَجُلًا . اِنْتَهَى .
619 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِذَا اِسْتَفْتَحَ الصَّلَاة رَفَعَ يَدَيْهِ )
: فِي هَذَا دَلِيل لِمَنْ قَالَ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْن التَّكْبِير وَالرَّفْع ، وَقَدْ وَرَدَ تَقْدِيم الرَّفْع عَلَى التَّكْبِير وَعَكْسه أَخْرَجَهُمَا مُسْلِم . فَفِي حَدِيث الْبَاب رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ ، وَفِي حَدِيث مَالِك بْن الْحُوَيْرِث عِنْد مُسْلِمٍ كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ . قَالَ الْحَافِظ : وَفِي الْمُقَارَنَة وَتَقْدِيم الرَّفْع عَلَى التَّكْبِير خِلَاف بَيْن الْعُلَمَاء وَالْمُرَجَّح عِنْد أَصْحَابنَا الْمُقَارَنَة ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ التَّكْبِير عَلَى الرَّفْع وَيُرَجِّح الْأَوَّل حَدِيث وَائِل بْن حُجْرٍ عِنْد أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ : " رَفَعَ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِير " وَقَضِيَّة الْمَعِيَّة أَنَّهُ يَنْتَهِي بِانْتِهَائِهِ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيّ فِي شَرْح الْمُهَذَّب وَنَقَلَهُ عَنْ نَصّ الشَّافِعِيّ وَهُوَ الْمُرَجَّح عِنْد الْمَالِكِيَّة . وَقَالَ صَاحِب الْهِدَايَة مِنْ الْحَنَفِيَّة : الْأَصَحّ يَرْفَع ثُمَّ يُكَبِّر لِأَنَّ الرَّفْع نَفْي صِفَة الْكِبْرِيَاء عَنْ غَيْر اللَّه ، وَالتَّكْبِير إِثْبَات ذَلِكَ لَهُ وَالنَّفْي سَابِق عَلَى الْإِثْبَات كَمَا فِي كَلِمَة الشَّهَادَة ، وَهَذَا مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ الْحِكْمَة فِي الرَّفْع مَا ذُكِرَ ، وَقَدْ قَالَ فَرِيق مِنْ الْعُلَمَاء الْحِكْمَة فِي اِقْتِرَانهمَا أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمّ وَيَسْمَعهُ الْأَعْمَى ، وَقَدْ ذَكَرْت فِي ذَلِكَ مُنَاسَبَات أُخَر اِنْتَهَى . وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم : أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى اِسْتِحْبَاب رَفْع الْيَدَيْنِ عِنْد تَكْبِيرَة الْإِحْرَام اِنْتَهَى
( حَتَّى يُحَاذِي مَنْكِبَيْهِ )
: أَيْ يُقَابِلهُمَا ، وَالْمَنْكِب مَجْمَع الْعَضُد وَالْكَتِف وَبِهَذَا أَخَذَ الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّة إِلَى حَدِيث مَالِك بْن@

الصفحة 408