كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

وهو مع طوله مداره على ثلاثة فصول
أحدها تضعيف عبدالحميد بن جعفر و الثاني تضعيف محمد بن عمرو بن عطاء و الثالث انقطاع الحديث بين محمد بن عمرو وبين الصحابة الذين رواه عنهم
والجواب عن هذه الفصول
أما الأول فعبدالحميد بن جعفر قد وثقه يحيى بن معين في جميع الروايات عنه
ووثقه الإمام أحمد أيضا واحتج به مسلم في صحيحه ولم يحفظ عن أحد من أئمة الجرح والتعديل تضعيفه بما يوجب سقوط روايته
فتضعيفه بذلك مردود على قائلة وحتى لو ثبت عن أحد منهم إطلاق الضعف عليه لم يقدح ذلك في روايته ما لم يبين سبب ضعفه وحينئذ ينظر فيه هل هو قادح أم لا وهذا إنما يحتاج إليه عند الاختلاف في توثيق الرجل وتضعيفه وأما إذا اتفق أئمة الحديث على تضعيف رجل لم يحتج إلى ذكر سبب ضعفه هذا أولى ما يقال في مسألة التضعيف المطلق وأما الفصل الثاني وهو تضعيف محمد بن عمرو بن عطاء ففي غاية الفساد فإنه من كبار التابعين المشهورين بالصدق والأمانة والثقة وقد وثقه أئمة الحديث كأحمد ويحيى بن سعيد ويحيى بن معين وغيرهم واتفق صاحبا الصحيح على الاحتجاج به وتضعيف يحيى بن سعيد له إن
صح عنه فهو رواية المشهور عنه خلافها وحتى لو ثبت على تضعيفه فأقام عليه ولم يبين سببه لم يلتفت إليه من مع توثيق غيره من الأئمة له ولو كان رجل ضعفه رجل سقط لذهب عامة الأحاديث الصحيحة من أيدينا فقل رجل من الثقات إلا وقد تكلم فيه آخر وأما قوله كان سفيان يحمل عليه فإنما كان ذلك من جهة رأيه لا من جهة روايته وقد رمى جماعة من الأئمة المحتج بروايتهم بالقدر كابن أبي عروبة وابن أبي ذئب وغيرهما وبالأرجاء كطلق ابن حبيب وغيره وهذا أشهر من أن يذكر نظائره وأئمة الحديث لا يردون حديث الثقة بمثل ذلك وأما الفصل الثالث وهو انقطاع الحديث فغير صحيح وهو مبني على ثلاث مقدمات إحداها أن وفاة أبي قتادة كانت في خلافة علي والثانية أن محمد بن عمر لم يدرك خلافة علي والثالثة أنه لم يثبت سماعه من أبي حميد بن بينهما رجل

الصفحة 421