كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

سعيد بن منصور في سننه حدثنا هشيم حدثنا عبدالحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء القرشي قال رأيت أبا حميد الساعدي مع عشرة وهط من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فقال ألا أحدثكم فذكره وقال البخاري في التاريخ الكبير محمد بن عمرو بن عطاء بن عياش بن علقمة العامري القرشي المدني سمع أبا حميد الساعدي وأبا قتادة وابن عباس روى عنه عبدالحميد بن جعفر وموسى بن عقبة ومحمد بن عمرو بن حلحلة والزهري وأبو حميد توفي قبل الستين في خلافة معاوية وأبو قتادة توفي بعد الخمسين كما ذكرنا فكيف نكر لقاء محمد لهما وسماعه منهما
ثم ولو سلمنا أن أبا قتادة توفي في خلافة علي فمن أين يمتنع أن يكون محمد بن عمرو في ذلك الوقت رجلا ولو امتنع أن يكون رجلا لتقاصر سنة عن ذلك لم يمتنع أن يكون صبيا مميزا وقد شاهد هذه القصة في صغره ثم أداها بعد بلوغه وذلك لا يقدح في روايته وتحمله اتفاقا وهو أسوة أمثالة في ذلك
فرد الأحاديث الصحيحة بمثل هذه الخيالات الفاسدة مما يرغب عن مثله أئمة العلم والله الموفق
وأما إدخال من أدخل بين محمد بن عمرو بن عطاء وبين أبي حميد الساعدي رجلا فإن ذلك لا يضر الحديث شيئا فإن الذي فعل ذلك رجلان عطاف بن خالد وعيسى بن عبدالله فأما عطاف فلم يرضى أصحاب الصحيح إخراج حديثه ولا هو ممن يعارض به الثقات الأثبات قال مالك ليس هو من جمال المحامل وقد تابع عبدالحميد بن جعفر على روايته محمد بن عمرو بن حلحلة كلاهما قال عن محمد بن عمرو بن عطاء عن حميد ولا يقاوم عطاف بن خالد بهذين حتى تقدم روايته على روايتهما
وقوله لم يصرح محمد بن عمرو بن حلحلة في حديثه بسماع ابن عطاء من أبي حميد فكلام بارد فإنه قد قال سمع محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالسا في نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فذكروا صلاة النبي صلى الله عليه و سلم فقال أبو حميد وقد قال رأيت أبا حميد ومرة سمعت أبا حميد فما هذا التكلف البارد والتعنت الباطل في انقطاع ما وصله الله

الصفحة 424