كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

عن أبي حميد ورواه العباس بن سهل عن أبي حميد خلط بعض الرواة وقال عن محمد بن عمرو عن العباس
وكان ينبغي أن يقول وعن العباس بالواو
ويدل على هذا أن عيسى بن عبدالله قد سمعه من عباس كما في رواية ابن المبارك
فكيف يشافهه به عباس بن سهل ثم يرويه عن محمد بن عمرو عنه فهذا كله بين أن محمد بن عمرو وعباس بن سهل اشتركا في روايته عن أبي حميد
فصح الحديث بحمد الله وظهر أن هذه العلة التي رمى بها مما تدل على قوته وحفظه
وأن رواية عباس بن سهل شاهدة ومصدقة لرواية محمد بن عمرو وهكذا الحق يصدق بعضه بعضا وقد رواه الشافعي من حديث إسحاق بن عبدالله عن عباس بن سهل عن أبي حميد ومن معه من الصحابة
ورواه فليح بن سليمان عن عباس عن أبي حميد وهذا لا ذكر فيه لمحمد بن عمرو وهو إسناد متصل تقوم به الحجة فلا ينبغي الإعراض عن هذا والاشتغال بحديث عبدالحميد بن جعفر والتعلق عليه بالباطل
ثم لو نزلنا عن هذا كله وضربنا عنه صفحا إلى التسليم أن محمد بن عمرو لم يدرك أبا قتادة فغايته أن يكون الوهم قد وقع في تسمية أبي قتادة وحده دون غيره ممن معه وهذا لا يجوز بمجرده تركه حديثه والقدح فيه عند أحد من الأئمة ولو كان كل من غلط ونسي واشتبه عليه اسم رجل بآخر يسقط حديثه لذهبت الأحاديث ورواتها من أيدي الناس
فهبه غلط في تسميته أبا قتادة أفيلزم من ذلك أن يكون ذكر باقي الصحابة غلطا ويقدح في قوله سمعت أبا حميد ورأيت أبا حميد أو أن أبا حميد قال وأيضا فإن هذه اللفظة لم يتفق عليها الرواة وهي قوله فيهم أبو قتادة فإن محمد بن عمرو بن حلحلة رواه عن محمد بن عمرو بن عطاء ولم يذكر فيهم أبا قتادة ومن طريقه رواه البخاري ولم يذكرها وأما عبدالحميد بن جعفر فرواه عنه هشام ولم يذكرها ورواه عنه أبو عاصم الضحاك بن مخلد ويحيى بن سعيد فذكراها عنه وأظن عبدالحميد بن جعفر تفرد بها
ومما يبين أنها ليست بوهم أن محمد بن مسلمة قد كان في أولئك الرهط ووفاته سنة ثلاث وأربعين فإذا لم تتقاصر سن محمد بن عمرو عن لقائه فكيف تتقاصر عن لقاء أبي قتادة ووفاته إما بعد الخمسين عند الأكثرين أو قبيل الأربعين عند بعضهم والله الموفق للصواب

الصفحة 426