كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

الْيَابِسَة النَّظِيفَة ، فَإِنَّ بَعْضهَا يُطَهِّر بَعْضًا . فَأَمَّا النَّجَاسَة مِثْل الْبَوْل وَنَحْوه يُصِيب الثَّوْب أَوْ بَعْض الْجَسَد فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُطَهِّرهُ إِلَّا الْغَسْل . قَالَ : وَهَذَا إِجْمَاع الْأُمَّة اِنْتَهَى كَلَامه . قَالَ الزَّرْقَانِيُّ : وَذَهَبَ بَعْض الْعُلَمَاء إِلَى حَمْل الْقَذَر فِي الْحَدِيث عَلَى النَّجَاسَة وَلَوْ رَطْبَة ، وَقَالُوا يَطْهُر بِالْأَرْضِ الْيَابِسَة ، لِأَنَّ الذَّيْل لِلْمَرْأَةِ كَالْخُفِّ وَالنَّعْل لِلرَّجُلِ . وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي اِبْن مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " قِيلَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نُرِيد الْمَسْجِد فَنَطَأ الطَّرِيق النَّجِسَة ، فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْأَرْض يُطَهِّر بَعْضهَا بَعْضًا " ، لَكِنَّهُ حَدِيث ضَعِيف كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْره . اِنْتَهَى . وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ مَالِك وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ .
327 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي عَبْد الْأَشْهَل )
: هِيَ صَحَابِيَّة مِنْ الْأَنْصَار كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَام اِبْن الْأَثِير فِي أُسْد الْغَابَة فِي مَعْرِفَة الصَّحَابَة ، وَجَهَالَة الصَّحَابِيّ لَا تَضُرّ ، لِأَنَّ الصَّحَابَة كُلّهمْ عُدُول . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : وَالْحَدِيث فِيهِ مَقَال لِأَنَّ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي عَبْد الْأَشْهَل مَجْهُولَة وَالْمَجْهُول لَا تَقُوم بِهِ الْحُجَّة فِي الْحَدِيث . اِنْتَهَى . وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَره فَقَالَ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ، فَفِيهِ نَظَر ، فَإِنَّ جَهَالَة اِسْم الصَّحَابِيّ غَيْر مُؤَثِّرَة فِي صِحَّة الْحَدِيث . اِنْتَهَى
( إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِد مُنْتِنَة )
: مِنْ النَّتْن ، أَيْ ذَات نَجِسَة . وَالطَّرِيق يُذَكَّر وَيُؤَنَّث ، أَيْ فِيهِمَا أَثَر الْجِيَف وَالنَّجَاسَات
( إِذَا مُطِرْنَا )
عَلَى بِنَاء الْمَجْهُول ، أَيْ إِذَا جَاءَنَا الْمَطَر
( أَلَيْسَ بَعْدهَا )
: أَيْ بَعْد ذَلِكَ الطَّرِيق
( طَرِيق هِيَ أَطْيَب مِنْهَا )
: أَيْ أَطْهَر بِمَعْنَى الطَّاهِر@

الصفحة 45