كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

بِالْمَكَانِ لَبًّا وَأَلَبَّ إِلْبَابًا أَيْ أَقَامَ بِهِ وَأَصْل لَبَّيْكَ لَبَّيْنِ حُذِفَتْ النُّون لِلْإِضَافَةِ
( وَسَعْدَيْك )
قَالَ الْأَزْهَرِيّ وَغَيْره : مَعْنَاهُ مُسَاعَدَة لِأَمْرِك بَعْد مُسَاعَدَة وَمُتَابَعَة لِدِينِك بَعْد مُتَابَعَة
( وَالْخَيْر كُلّه فِي يَدَيْك وَالشَّرّ لَيْسَ إِلَيْك )
: قَالَ الْخَطَّابِيّ وَغَيْره فِيهِ الْإِرْشَاد إِلَى الْأَدَب فِي الثَّنَاء عَلَى اللَّه تَعَالَى وَمَدْحه بِأَنْ يُضَاف إِلَيْهِ مَحَاسِن الْأُمُور دُون مَسَاوِيهَا عَلَى جِهَة الْأَدَب . وَأَمَّا قَوْله وَالشَّرّ لَيْسَ إِلَيْك فَمِمَّا يَجِب تَأْوِيله لِأَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ أَنَّ كُلّ الْمُحْدَثَات فِعْل اللَّه تَعَالَى وَخَلْقه سَوَاء خَيْرهَا وَشَرّهَا وَحِينَئِذٍ يَجِب تَأْوِيله وَفِيهِ خَمْسَة أَقْوَال ، أَحَدهَا : مَعْنَاهُ لَا يُتَقَرَّب بِهِ إِلَيْك قَالَهُ الْخَلِيل بْن أَحْمَد وَالنَّضْر بْن شُمَيْلٍ وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَيَحْيَى بْن مَعِين وَأَبُو بَكْر بْن خُزَيْمَةَ وَالْأَزْهَرِيّ وَغَيْرهمْ وَالثَّانِي : حَكَى الشَّيْخ أَبُو حَامِد عَنْ الْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْره أَيْضًا مَعْنَاهُ لَا يُضَاف إِلَيْك عَلَى اِنْفِرَاده لَا يُقَال يَا خَالِق الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير وَيَا رَبّ الشَّرّ وَنَحْو هَذِهِ وَإِنْ كَانَ خَالِق كُلّ شَيْء وَرَبّ كُلّ شَيْء وَحِينَئِذٍ مَدْخَل الشَّرّ فِي الْعُمُوم . وَالثَّالِث : مَعْنَاهُ الشَّرّ لَا يَصْعَد إِلَيْك وَإِنَّمَا يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح . وَالرَّابِع : مَعْنَاهُ وَالشَّرّ لَيْسَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْك فَإِنَّك خَلَقْته بِحِكْمَةٍ بَالِغَة وَإِنَّمَا هُوَ شَرّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ . وَالْخَامِس : حَكَاهُ الْخَطَّابِيّ أَنَّهُ كَقَوْلِك فُلَان إِلَى بَنِي فُلَان إِذَا كَانَ عِدَاده فِيهِمْ أَوْ ضَعُوهُ مَعَهُمْ .
( أَنَا بِك وَإِلَيْك )
: أَيْ تَوْفِيقِي بِك وَالْتِجَائِي وَانْتِمَائِي إِلَيْك
( تَبَارَكْت )
: أَيْ اِسْتَحْقَقْت الثَّنَاء ، وَقِيلَ ثَبَتَ الْخَيْر عِنْدك . وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ تُبَارِك الْعِبَاد بِتَوْحِيدِك . وَقِيلَ تَعَظَّمْت وَتَمَجَّدْت أَوْ جِئْت بِالْبَرَكَةِ أَوْ تَكَاثَرَ خَيْرك وَأَصْل الْكَلِمَة لِلدَّوَامِ وَالثَّبَات
( وَلَك أَسْلَمْت )
: أَيْ لَك ذَلَلْت وَانْقَدْت أَوْ لَك أَخْلَصْت وَجْهِي أَوْ لَك خَذَلْت نَفْسِي وَتَرَكْت أَهْوَاءَهَا
( خَشَعَ لَك )
: أَيْ خَضَعَ @

الصفحة 465