كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَة يَطُوفُونَ فِي الطُّرُق يَلْتَمِسُونَ أَهْل الذِّكْر " الْحَدِيث اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيُّ .
655 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَنْتَ نُور السَّمَوَات وَالْأَرْض )
: أَيْ مُنَوِّرهمَا وَخَالِق نُورهمَا . وَقَالَ أَبُو عُبَيْد مَعْنَاهُ بِنُورِك يَهْتَدِي أَهْل السَّمَوَات وَالْأَرْض
( أَنْتَ قَيَّام السَّمَوَات وَالْأَرْض )
: وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ : قَيِّم السَّمَوَات وَالْأَرْض . قَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ الْعُلَمَاء مِنْ صِفَاته الْقَيَّام وَالْقَيِّم ، كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث ، وَالْقَيُّوم بِنَصِّ الْقُرْآن ، وَقَائِم ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : { أَفَمَنْ هُوَ قَائِم عَلَى كُلّ نَفْس } قَالَ الْهَرَوِيُّ : وَيُقَال : قَوَّام .
قَالَ اِبْن عَبَّاس : الْقَيُّوم الَّذِي لَا يَزُول . وَقَالَ غَيْره : هُوَ الْقَائِم عَلَى كُلّ شَيْء ، وَمَعْنَاهُ مُدَبِّر أَمْر خَلْقه ، وَهُمَا شَائِعَانِ فِي تَفْسِير الْآيَة وَالْحَدِيث
( أَنْتَ رَبّ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِنَّ )
: قَالَ الْعُلَمَاء لِلرَّبِّ ثَلَاث مَعَانٍ فِي اللُّغَة ، السَّيِّد الْمُطَاع ، وَالْمُصْلِح ، وَالْمَالِك . قَالَ بَعْضهمْ : إِذَا كَانَ بِمَعْنَى السَّيِّد الْمُطَاع فَشَرْط الْمَرْبُوب أَنْ يَكُون مِمَّنْ يَعْقِل وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَطَّابِيّ بِقَوْلِهِ لَا يَصِحّ أَنْ يُقَال سَيِّد الْجِبَال وَالشَّجَر . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : هَذَا الشَّرْط فَاسِد بَلْ الْجَمِيع مُطِيع لَهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى . قَالَ اللَّه تَعَالَى { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } .
( أَنْتَ الْحَقّ )
: قَالَ الْعُلَمَاء : الْحَقّ فِي أَسْمَائِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى مَعْنَاهُ الْمُتَحَقِّق وُجُوده وَكُلّ شَيْء صَحَّ وُجُوده وَتَحَقَّقَ فَهُوَ حَقّ وَمِنْهُ الْحَاقَّة أَيْ الْكَائِنَة حَقًّا@

الصفحة 474