كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى عِنْد مُسْلِم وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْخَطَايَا بِمَنْزِلَةِ جَهَنَّم لِكَوْنِهَا مُسَبَّبَة عَنْهَا فَعَبَّرَ عَنْ إِطْفَاء حَرَارَتهَا بِالْغَسْلِ وَبَالَغَ فِيهِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُبَرِّدَات تَرَقِّيًا عَنْ الْمَاء إِلَى أَبْرَد مِنْهُ . قَالَهُ الْحَافِظ .
فَإِنْ قُلْت : الْغَسْل الْبَالِغ إِنَّمَا يَكُون بِالْمَاءِ الْحَارّ فَلِمَ ذُكِرَ ذَلِكَ ؟ قُلْت : قَالَ مُحْيِي السُّنَّة : مَعْنَاهُ طَهِّرْنِي مِنْ الذُّنُوب وَذَكَرَهَا مُبَالَغَة فِي التَّطْهِير لَا أَنَّهُ يَحْتَاج إِلَيْهَا . ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاة . وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء بَيْن التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ مَالِك ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز الدُّعَاء فِي الصَّلَاة بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآن خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ . ثُمَّ هَذَا الدُّعَاء صَدَرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبِيل الْمُبَالَغَة فِي إِظْهَار الْعُبُودِيَّة ، وَقِيلَ قَالَهُ عَلَى سَبِيل التَّعْلِيم لِأُمَّتِهِ ، وَاعْتُرِضَ بِكَوْنِهِ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَجَهَرَ بِهِ ، وَأُجِيبَ بِوُرُودِ الْأَمْر بِذَلِكَ فِي حَدِيث سَمُرَة عِنْد الْبَزَّار وَفِيهِ مَا كَانَ الصَّحَابَة عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَافَظَة عَلَى تَتَبُّع أَحْوَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرَكَاته وَسَكَنَاته وَإِسْرَاره وَإِعْلَانه حَتَّى حَفِظَ اللَّه بِهِمْ الدِّين . كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
قَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الْهِدَايَة : الَّذِي يَتَحَصَّل مِنْ الْبَسْمَلَة أَقْوَال : أَحَدهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآن أَصْلًا إِلَّا فِي سُورَة النَّمْل وَهَذَا قَوْل مَالِك وَطَائِفَة مِنْ الْحَنَفِيَّة وَرِوَايَة عَنْ أَحْمَد ثَانِيهَا أَنَّهَا آيَة مِنْ كُلّ سُورَة أَوْ بَعْض آيَة كَمَا هُوَ الْمَشْهُور عَنْ الشَّافِعِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ وَعَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّهَا آيَة مِنْ الْفَاتِحَة دُون غَيْرهَا وَهُوَ رِوَايَة عَنْ أَحْمَد . ثَالِثهَا أَنَّهَا آيَة مِنْ الْقُرْآن مُسْتَقِلَّة بِرَأْسِهَا وَلَيْسَتْ @

الصفحة 487