كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

الْأَوَّل وَالتَّوَرُّك فِي آخِر الصَّلَاة وَحَمْل حَدِيث عَائِشَة هَذَا فِي غَيْر التَّشَهُّد الْأَخِير لِلْجَمْعِ بَيْن الْأَحَادِيث
( وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عَقِب الشَّيْطَان )
: وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَة الشَّيْطَان ، وَفِي أُخْرَى لَهُ عَنْ عَقِب الشَّيْطَان قَالَ النَّوَوِيّ عُقْبَة الشَّيْطَان بِضَمِّ الْعَيْن وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَقِب الشَّيْطَان بِفَتْحِ الْعَيْن وَكَسْر الْقَاف هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور فِيهِ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض عَنْ بَعْضهمْ بِضَمِّ الْعَيْن وَضَعَّفَهُ . اِنْتَهَى . قَالَ الْخَطَّابِيّ فِي الْمَعَالِم : عَقِب الشَّيْطَان هُوَ أَنْ يُقْعِي فَيَقْعُد عَلَى عَقِبَيْهِ فِي الصَّلَاة وَلَا يَفْتَرِش رِجْله وَلَا يَتَوَرَّك . وَأَحْسَب أَنِّي سَمِعْت فِي عَقِب الشَّيْطَان مَعْنَى غَيْر هَذَا فَسَّرَهُ بَعْض الْعُلَمَاء لَمْ يَحْضُرنِي ذِكْره .
وَقَالَ النَّوَوِيّ : الصَّوَاب الَّذِي لَا مَعْدِل عَنْهُ أَنَّ الْإِقْعَاء نَوْعَانِ . أَحَدهمَا أَنْ يُلْصِق أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِب سَاقَيْهِ وَيَدَع يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض كَإِقْعَاءِ الْكَلْب ، هَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى وَصَاحِبه أَبُو عُبَيْد الْقَاسِم بْن سَلَّام وَآخَرُونَ مِنْ أَهْل اللُّغَة ، وَهَذَا النَّوْع هُوَ الْمَكْرُوه الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّهْي ، وَالنَّوْع الثَّانِي أَنْ يَجْعَل أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْن السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا هُوَ مُرَاد اِبْن عَبَّاس بِقَوْلِهِ : سُنَّة نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْتَهَى . قُلْت : وَقَوْل اِبْن عَبَّاس الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ النَّوَوِيّ رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ طَاوُس بِلَفْظِ : قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاس فِي الْإِقْعَاء عَلَى الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ هِيَ السُّنَّة فَقُلْنَا : إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاء بِالرَّجُلِ ، فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : بَلْ هِيَ سُنَّة نَبِيّك صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَقَدْ بَسَطَ النَّوَوِيّ فِي مَعْنَى الْإِقْعَاء وَبَيَان مَذَاهِب الْعُلَمَاء فِيهِ ، فَمَنْ شَاءَ الْبَسْط فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ
( وَعَنْ فَرْشَة السَّبُع )
قَالَ الْخَطَّابِيّ : هُوَ أَنْ يَفْتَرِش يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُود يَمُدّهُمَا عَلَى الْأَرْض كَالسَّبُعِ ، وَإِنَّمَا السُّنَّة أَنْ يَضَع كَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْض وَيُقِلّ ذِرَاعَيْهِ وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ
( وَكَانَ يَخْتِم الصَّلَاة بِالتَّسْلِيمِ )
قَالَ الْخَطَّابِيّ : وَفِي قَوْلهَا كَانَ يَفْتَتِح الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ وَيَخْتِمهَا بِالتَّسْلِيمِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُمَا رُكْنَانِ مِنْ أَرْكَان الصَّلَاة لَا تُجْزِئ إِلَّا بِهِمَا ، لِأَنَّ قَوْلهَا كَانَ يَفْتَتِح @

الصفحة 492