كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

وَعُثْمَان وَمَنْ بِحَضْرَتِهِمَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى تَرْك وَاجِب . اِنْتَهَى . قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : وَعَلَى هَذَا الْجَوَاب عَوَّلَ أَكْثَر الْمُصَنِّفِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة كَابْنِ خُزَيْمَةَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالطَّحَاوِيِّ وَابْن حِبَّان وَابْن عَبْد الْبَرّ وَهَلُمَّ جَرًّا ، وَزَادَ بَعْضهمْ فِيهِ أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنْ الصَّحَابَة وَافَقُوهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ ، عَلَى أَنَّ الْغُسْل لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّة الصَّلَاة وَهُوَ اِسْتِدْلَال قَوِيّ . اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِ .
288 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( غُسْل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ وُجُوب الِاخْتِيَار وَالِاسْتِحْبَاب دُون وُجُوب الْفَرْض كَمَا يَقُول الرَّجُل لِصَاحِبِهِ حَقّك عَلَيَّ وَاجِب وَأَنَا أُوجِب حَقّك وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْنَى اللُّزُوم وَاَلَّذِي لَا يَسَع غَيْره ، وَيَشْهَد لِصِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيل حَدِيث عُمَر الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْره اِنْتَهَى . قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد فِي شَرْح عُمْدَة الْأَحْكَام : ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى اِسْتِحْبَاب غُسْل الْجُمُعَة وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَى الِاعْتِذَار عَنْ مُخَالَفَة هَذَا الظَّاهِر ، وَقَدْ أَوَّلُوا صِيغَة الْأَمْر عَلَى النَّدْب وَصِيغَة الْوُجُوب عَلَى التَّأْكِيد كَمَا يُقَال إِكْرَامك عَلَيَّ وَاجِب ، وَهُوَ تَأْوِيل ضَعِيف إِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ إِذَا كَانَ الْمُعَارِض رَاجِحًا عَلَى هَذَا الظَّاهِر وَأَقْوَى مَا عَارَضُوا بِهِ هَذَا الظَّاهِر حَدِيث " مَنْ تَوَضَّأَ يَوْم الْجُمُعَة فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اِغْتَسَلَ فَالْغُسْل أَفْضَل " وَلَا يُعَارِض سَنَده سَنَد هَذِهِ الْأَحَادِيث اِنْتَهَى
( عَلَى كُلّ مُحْتَلِم )
: أَيْ بَالِغ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الِاحْتِلَام لِكَوْنِهِ الْغَالِب وَتَفْسِيره بِالْبَالِغِ مَجَاز لِأَنَّ الِاحْتِلَام يَسْتَلْزِم الْبُلُوغ وَالْقَرِينَة الْمَانِعَة عَنْ الْحَمْل عَلَى الْحَقِيقَة أَنَّ الِاحْتِلَام إِذَا كَانَ مَعَهُ الْإِنْزَال مُوجِب لِلْغُسْلِ سَوَاء كَانَ@

الصفحة 5