كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

أَيْ مِنْ غَيْر الْفَيْء وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِيِّ : " حِين كَانَ ظِلّ كُلّ شَيْء مِثْله لِوَقْتِ الْعَصْر بِالْأَمْسِ " أَيْ فَرَغَ مِنْ الظُّهْر حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْر فِي الْيَوْم الْأَوَّل حِينَئِذٍ . قَالَ الشَّافِعِيّ : وَبِهِ يَنْدَفِع اِشْتِرَاكهمَا فِي وَقْت وَاحِد عَلَى مَا زَعَمَهُ جَمَاعَة ، وَيَدُلّ لَهُ خَبَر مُسْلِم وَقْت الظُّهْر مَا لَمْ يَحْضُر الْعَصْر
( إِلَى ثُلُث اللَّيْل )
: قَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُون إِلَى بِمَعْنَى مَعَ ، وَيُؤَيِّدهُ الرِّوَايَة الْأُخْرَى : " ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاء الْأَخِيرَة حِين ذَهَبَ ثُلُث اللَّيْل " اِنْتَهَى . أَوْ إِلَى بِمَعْنَى فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى : { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } .
( فَأَسْفَرَ )
: أَيْ أَضَاءَ بِهِ أَوْ دَخَلَ فِي وَقْت الْإِسْفَار . قَالَ الشَّيْخ وَلِيّ الدِّين الظَّاهِر : عَوْد الضَّمِير إِلَى جَبْرَئِيلَ ، وَمَعْنَى أَسْفَرَ دَخَلَ فِي السَّفَر بِفَتْحِ السِّين وَالْفَاء وَهُوَ بَيَاض النَّهَار ، وَيَحْتَمِل عَوْده إِلَى الصُّبْح أَيْ فَأَسْفَرَ الصُّبْح فِي وَقْت صَلَاته أَوْ إِلَى الْمَوْضِع أَيْ أَسْفَرَ لِلْمَوْضِعِ فِي وَقْت صَلَاته ، وَيُوَافِقهُ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْح حَتَّى أَسْفَرَتْ الْأَرْض
( وَالْوَقْت )
: أَيْ السَّمْح الَّذِي لَا حَرَج فِيهِ
( مَا بَيْن )
: وَفِي رِوَايَة فِيمَا بَيْن
( هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ )
: فَيَجُوز الصَّلَاة فِي أَوَّله وَوَسَطه وَآخِره . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : اِعْتَمَدَ الشَّافِعِيّ هَذَا الْحَدِيث وَعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي بَيَان مَوَاقِيت الصَّلَاة ، وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْقَوْل بِظَاهِرِهِ ، فَقَالَتْ بِهِ طَائِفَة ، وَعَدَلَ آخَرُونَ عَنْ الْقَوْل بِبَعْضِ مَا فِيهِ إِلَى حَدِيث آخَر .
فَمِمَّنْ قَالَ بِظَاهِرِ حَدِيث اِبْن عَبَّاس بِتَوْقِيتِ أَوَّل صَلَاة الظُّهْر وَآخِرهَا مَالِك وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة آخِر وَقْت الظُّهْر إِذَا صَارَ الظِّلّ قَامَتَيْنِ وَقَالَ اِبْن الْمُبَارَك وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ :@

الصفحة 57