كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

رِوَايَة الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيق بِشْر بْن الْمُفَضَّل حَدَّثَنَا غَالِب الْقَطَّان عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : " كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَع أَحَدنَا طَرَف الثَّوْب مِنْ شِدَّة الْحَرّ فِي مَكَان السُّجُود " وَلَهُ مِنْ طَرِيق أُخْرَى مِنْ حَدِيث خَالِد اِبْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ غَالِب : " سَجَدْنَا عَلَى ثِيَابنَا اِتِّقَاء الْحَرّ " وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ : " إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدنَا أَنْ يُمَكِّن جَبْهَته مِنْ الْأَرْض بَسَطَ ثَوْبه فَسَجَدَ عَلَيْهِ " فَهَذِهِ الْأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى جَوَاز السُّجُود عَلَى الثَّوْب الْمُتَّصِل بِالْمُصَلِّي ، وَعَلَى جَوَاز اِسْتِعْمَال الثِّيَاب ، وَكَذَا غَيْرهَا فِي الْحَيْلُولَة بَيْن الْمُصَلِّي وَبَيْن الْأَرْض لِاتِّقَاءِ حَرّهَا وَكَذَا بَرْدهَا ، وَعَلَى جَوَاز الْعَمَل الْقَلِيل فِي الصَّلَاة وَمُرَاعَاة الْخُشُوع فِيهَا ، لِأَنَّ الظَّاهِر أَنَّ صَنِيعهمْ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ التَّشْوِيش الْعَارِض مِنْ حَرَارَة الْأَرْض . قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : وَظَاهِر الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْأَمْر بِالْإِبْرَادِ كَمَا سَيَأْتِي يُعَارِضهُ ، فَمَنْ قَالَ الْإِبْرَاد رُخْصَة فَلَا إِشْكَال ، وَمَنْ قَالَ سُنَّة فَإِمَّا أَنْ يَقُول التَّقْدِيم الْمَذْكُور رُخْصَة وَإِمَّا أَنْ يَقُول مَنْسُوخ بِالْأَمْرِ بِالْإِبْرَادِ ، وَأَحْسَن مِنْهُمَا أَنْ يُقَال إِنَّ شِدَّة الْحَرّ قَدْ تُوجَد مَعَ الْإِبْرَاد فَيُحْتَاج إِلَى السُّجُود عَلَى الثَّوْب أَوْ إِلَى تَبْرِيد الْحَصَى ، لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَمِرّ حَرّه بَعْد الْإِبْرَاد ، وَيَكُون فَائِدَة الْإِبْرَاد وُجُود ظِلّ يَمْشِي فِيهِ إِلَى الْمَسْجِد أَوْ يُصَلِّي فِيهِ فِي الْمَسْجِد ، أَشَارَ إِلَى هَذَا الْجَمْع الْقُرْطُبِيّ ثُمَّ اِبْن دَقِيق الْعِيد . اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ .@

الصفحة 72