كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

339 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فِي الصَّيْف ثَلَاثَة أَقْدَام إِلَى خَمْسَة أَقْدَام )
: أَيْ مِنْ الْفَيْء ، وَالْمُرَاد أَنْ يَبْلُغ مَجْمُوع الظِّلّ الْأَصْلِيّ وَالزَّائِد هَذَا الْمَبْلَغ لَا أَنْ يَصِير الزَّائِد هَذَا الْمَبْلَغ وَيُعْتَبَر الْأَصْلِيّ سِوَى ذَلِكَ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا أَمْر يَخْتَلِف فِي الْأَقَالِيم وَالْبُلْدَان وَلَا يَسْتَوِي فِي جَمِيع الْمُدُن وَالْأَمْصَار ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِلَّة فِي طُول الظِّلّ وَقِصَره هُوَ زِيَادَة اِرْتِفَاع الشَّمْس فِي السَّمَاء وَانْحِطَاطهَا ، فَكُلَّمَا كَانَتْ أَعْلَى وَإِلَى مُحَاذَاة الرُّءُوس فِي مَجْرَاهَا أَقْرَب كَانَ الظِّلّ أَقْصَر ، وَكُلَّمَا كَانَتْ أَخْفَض وَمِنْ مُحَاذَاة الرُّءُوس أَبْعَد كَانَ الظِّلّ أَطْوَل ، وَلِذَلِكَ ظِلَال الشِّتَاء تَرَاهَا أَبَدًا أَطْوَل مِنْ ظِلَال الصَّيْف فِي كُلّ مَكَان ، وَكَانَتْ صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة وَالْمَدِينَة وَهُمَا مِنْ الْإِقْلِيم الثَّانِي ، وَيَذْكُرُونَ أَنَّ الظِّلّ فِيهِمَا فِي أَوَّل الصَّيْف فِي شَهْر آذَار ثَلَاثَة أَقْدَام وَشَيْء ، وَيُشْبِه أَنْ تَكُون صَلَاته عَلَيْهِ السَّلَام إِذَا اِشْتَدَّ الْحَرّ مُتَأَخِّرَة عَنْ الْوَقْت الْمَعْهُود قَبْله ، فَيَكُون الظِّلّ عِنْد ذَلِكَ خَمْسَة أَقْدَام ، وَأَمَّا الظِّلّ فِي الشِّتَاء فَإِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ فِي تِشْرِين الْأَوَّل خَمْسَة أَقْدَام أَوْ خَمْسَة أَقْدَام وَشَيْء وَفِي الْكَانُون سَبْعَة أَقْدَام أَوْ سَبْعَة أَقْدَام وَشَيْء ، فَقَوْل اِبْن مَسْعُود يَنْزِل عَلَى هَذَا التَّقْدِير فِي ذَلِكَ الْإِقْلِيم دُون سَائِر الْأَقَالِيم وَالْبُلْدَان الَّتِي هِيَ خَارِجَة عَنْ الْإِقْلِيم الثَّانِي . اِنْتَهَى . قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاة الصُّعُود : قَالَ وَلِيّ الدِّين هَذِهِ الْأَقْدَام هِيَ قَدَم كُلّ إِنْسَان بِقَدْرِ قَامَته . قُلْت : ضَابِط مَا يُعْرَف بِهِ زَوَال كُلّ بَلَد أَنْ يُدَقّ وَتَد فِي حَائِط أَوْ خَشَبَة مُوَازِيًا لِلْقُطْبِ يَمَانِيًّا أَوْ شَمَالِيًّا فَيُنْظَر لِظِلِّهِ ، فَمهمَا سَاوَاهُ فَذَلِكَ وَسَط النَّهَار ، فَإِذَا مَال لِلْمَشْرِقِ مَيْلًا تَامًّا فَذَلِكَ الزَّوَال وَأَوَّل وَقْت الظُّهْر ، فَكُلّ الْأَقْدَام إِذًا بِكُلِّ شَهْر وَأَحْفَظهَا لِكُلِّ شَهْر بِكُلِّ فَصْل وَكُلّ بَلَد فَلَمْ أَرَ ضَابِطًا أَفْضَل مِنْ هَذَا . قَالَ عَلِيّ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاة : قَالَ السُّبْكِيُّ :@

الصفحة 73