كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْيَاء بَعْدهَا هَمْزَة هُوَ مَا بَعْد الزَّوَال مِنْ الظِّلّ . وَالتُّلُول جَمْع تَلّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَتَشْدِيد اللَّام ، كُلّ مَا اِجْتَمَعَ عَلَى الْأَرْض مِنْ تُرَاب أَوْ رَمْل أَوْ نَحْو ذَلِكَ ، وَهِيَ فِي الْغَالِب مُنْبَطِحَة غَيْر شَاخِصَة ، فَلَا يَظْهَر لَهَا ظِلّ إِلَّا إِذَا ذَهَبَ أَكْثَر وَقْت الظُّهْر . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي غَايَة الْإِبْرَاد ، فَقِيلَ حَتَّى يَصِير الظِّلّ ذِرَاعًا بَعْد ظِلّ الزَّوَال ، وَقِيلَ رُبْع قَامَة ، وَقِيلَ ثُلُثهَا ، وَقِيلَ نِصْفهَا ، وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ ، وَنَزَّلَهَا الْمَازِرِيُّ عَلَى اِخْتِلَاف الْأَوْقَات ، وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِد أَنَّهُ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال ، لَكِنْ يُشْتَرَط أَنْ لَا يَمْتَدّ إِلَى آخِر الْوَقْت
( ثُمَّ قَالَ إِنَّ شِدَّة الْحَرّ مِنْ فَيْح جَهَنَّم )
: هُوَ بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْيَاء وَفِي آخِره حَاء مُهْمَلَة . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فَيْح جَهَنَّم مَعْنَاهُ سُطُوع حَرّهَا وَانْتِشَاره ، وَأَصْله فِي كَلَامهمْ السَّعَة وَالِانْتِشَار ، وَمِنْهُ قَوْلهمْ فِي الْغَارَة فِيحِي فَيَاحِ ، وَمَكَان أَفَيْح أَيْ وَاسِع ، وَأَرْض فَيْحَاء أَيْ وَاسِعَة . وَمَعْنَى الْحَدِيث يَحْمِل عَلَى وَجْهَيْنِ . أَحَدهمَا أَنَّ شِدَّة حَرّ الصَّيْف مِنْ وَهَج حَرّ جَهَنَّم فِي الْحَقِيقَة ، وَرُوِيَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَذِنَ لِجَهَنَّم فِي نَفَسَيْنِ ، نَفَس فِي الصَّيْف وَنَفَس فِي الشِّتَاء فَهُوَ مِنْهَا . وَالْوَجْه الثَّانِي أَنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَج التَّشْبِيه وَالتَّقْرِيب ، أَيْ كَأَنَّهُ نَار جَهَنَّم أَيْ كَأَنَّ شِدَّة الْحَرّ مِنْ نَار جَهَنَّم فَاحْذَرُوهَا وَاجْتَنِبُوا ضَرَرهَا وَاَللَّه أَعْلَم . اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ .
341 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاة )
: مَعْنَى أَبْرِدُوا أَخِّرُوا عَلَى سَبِيل التَّضْمِين أَيْ أَخِّرُوا@

الصفحة 75