كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)
الصَّلَاة . قِيلَ : لَفْظ عَنْ زَائِدَة أَوْ عَنْ بِمَعْنَى الْبَاء أَوْ هِيَ لِلْمُجَاوَزَةِ ، أَيْ تَجَاوَزُوا وَقْتهَا الْمُعْتَاد إِلَى أَنْ تَنْكَسِر شِدَّة الْحَرّ ، وَالْمُرَاد بِالصَّلَاةِ الظُّهْر ، لِأَنَّهَا الصَّلَاة الَّتِي يَشْتَدّ الْحَرّ غَالِبًا فِي أَوَّل وَقْتهَا . كَذَا فِي الْفَتْح . وَقَدْ مَرَّ وَجْه الْجَمْع بَيْن حَدِيثَيْ الْإِبْرَاد وَالتَّهْجِير . وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ ، إِذَا كَانَ أَيَّام الصَّيْف فَتُؤَخَّر صَلَاة الظُّهْر وَيُبْرَد بِهَا ، وَإِذَا كَانَ أَيَّام الشِّتَاء فَتُعَجَّل صَلَاة الظُّهْر وَاسْتَدَلَّ لَهُمَا بِحَدِيثٍ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَس بْنِ مَالِك قَالَ " كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْحَرّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْبَرْد عَجَّلَ "
( قَالَ اِبْن مَوْهَبٍ بِالصَّلَاةِ )
: الْبَاء لِلتَّعَدِّيَةِ وَقِيلَ زَائِدَة
( فَإِنَّ شِدَّة الْحَرّ )
: تَعْلِيل لِمَشْرُوعِيَّةِ التَّأْخِير الْمَذْكُور ، وَهَلْ الْحِكْمَة فِيهِ دَفْع الْمَشَقَّة لِكَوْنِهَا قَدْ تَسْلُب الْخُشُوع وَهَذَا أَظْهَر ، وَكَوْنهَا الْحَالَة الَّتِي يَنْتَشِر فِيهَا الْعَذَاب ، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث عَمْرو بْن عَبَسَةَ عِنْد مُسْلِم حَيْثُ قَالَ لَهُ : " أَقْصِر عَنْ الصَّلَاة عِنْد اِسْتِوَاء الشَّمْس فَإِنَّهَا سَاعَة تُسْجَر فِيهَا جَهَنَّم " وَقَدْ اِسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاة سَبَب الرَّحْمَة ، فَفِعْلُهَا مَظِنَّةً لِطَرْدِ الْعَذَاب فَكَيْف أَمَرَ بِتَرْكِهَا ، وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو الْفَتْح الْيَعْمَرِيُّ بِأَنَّ التَّعْلِيل إِذَا جَاءَ مِنْ جِهَة الشَّارِع وَجَبَ قَبُوله وَإِنْ لَمْ يُفْهَم مَعْنَاهُ . قَالَهُ الْحَافِظ فِي الْفَتْح
( مِنْ فَيْح جَهَنَّم )
: أَيْ مِنْ سَعَة اِنْتِشَارهَا وَتَنَفُّسهَا ، وَمِنْهُ مَكَان أَفَيْح أَيْ مُتَّسِع ، وَهَذَا كِنَايَة عَنْ شِدَّة اِسْتِعَارهَا ، كَذَا فِي الْفَتْح . وَقَالَ عَلِيّ الْقَارِي أَيْ مِنْ غَلَيَانهَا . اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
342 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِذَا دَحَضَتْ الشَّمْس )
: بِفَتْحِ الدَّال وَالْحَاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ زَالَتْ . وَأَصْل الدَّحْض الزُّلُول ، يُقَال : دَحَضَتْ رِجْله أَيْ زَلَّتْ عَنْ مَوْضِعهَا وَأَدْحَضْت حُجَّة فُلَان أَيْ أَزَلْتهَا ، وَأَبْطَلْتهَا اِنْتَهَى . قَالَ الْحَافِظ :@
الصفحة 76
510