كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

أَيْ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يُبَكِّر فَلَا يَتَخَطَّى رِقَاب النَّاس وَلَا يُفَرِّق بَيْن اِثْنَيْنِ وَلَا يُزَاحِم رَجُلَيْنِ فَيَدْخُل بَيْنهمَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا ضَيَّقَ عَلَيْهِمَا خُصُوصًا فِي شِدَّة الْحَرّ وَاجْتِمَاع الْأَنْفَاس
( ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّه لَهُ )
: أَيْ يُصَلِّي مَا شَاءَ . وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَبْل الْجُمُعَة مَخْصُوصَة مُؤَكَّدَة رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَع رَكَعَات مَثَلًا كَالسُّنَّةِ بَعْد الْجُمُعَة ، فَالْمُصَلِّي إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة فَلَهُ أَنْ يُصَلِّي مَا شَاءَ مُتَنَفِّلًا . وَأَمَّا مَا رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَع مِنْ قَبْل الْجُمُعَة أَرْبَعًا لَا يَفْصِل فِي شَيْء مِنْهُنَّ " فَفِي إِسْنَاده بَقِيَّة وَمُبَشِّر بْن عُبَيْد وَالْحَجَّاج بْن أَرْطَاةَ وَعَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَكُلّهمْ مُتَكَلَّم فِيهِ
( ثُمَّ أَنْصَتَ )
: يُقَال : أَنْصَتَ إِذَا سَكَتَ وَأَنْصَتَهُ إِذَا أَسْكَتَهُ فَهُوَ لَازِم وَمُتَعَدٍّ وَالْأَوَّل الْمُرَاد هَاهُنَا
( حَتَّى يَفْرُغ مِنْ صَلَاته )
: أَيْ يَفْرُغ الْمُصَلِّي أَوْ الْإِمَام ، وَالْأَوَّل أَظْهَر
( كَانَتْ )
: هَذِهِ الْمَذْكُورَات مِنْ الْغُسْل ، وَلُبْس أَحْسَن الثِّيَاب وَمَسّ الطِّيب وَعَدَم التَّخَطِّي وَالصَّلَاة النَّافِلَة وَالْإِنْصَات
( كَفَّارَة لِمَا بَيْنهَا )
: أَيْ الْجُمُعَة الْحَاضِرَة
( وَبَيْن جُمُعَته الَّتِي قَبْلهَا )
: قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد بِذَلِكَ مَا بَيْن السَّاعَة الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَة إِلَى مِثْلهَا مِنْ الْجُمُعَة الْأُخْرَى لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَاد بِهِ مَا بَيْن الْجُمُعَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُون الطَّرَفَانِ وَهُمَا يَوْم الْجُمُعَة غَيْر دَاخِلَيْنِ فِي الْعَدَد لَكَانَ لَا يَحْصُل لَهُ مِنْ عَدَد الْمَحْسُوب أَكْثَر مِنْ سِتَّة أَيَّام ، وَلَوْ أَرَادَ مَا بَيْنهمَا عَلَى مَعْنَى إِدْخَال الطَّرَفَيْنِ فِيهِ بَلَغَ الْعَدَد ثَمَانِيَة فَإِذَا ضُمَّتْ إِلَيْهَا الثَّلَاثَة الْمَزِيدَة الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو هُرَيْرَة صَارَ جُمْلَتهَا إِمَّا أَحَد عَشَر عَلَى أَحَد الْوَجْهَيْنِ ، وَإِمَّا تِسْعَة أَيَّام عَلَى الْوَجْه الْآخَر ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِهِ مَا قُلْنَاهُ عَلَى سَبِيل التَّكْسِير لِلْيَوْمِ لِيَسْتَقِيمَ الْأَمْر فِي تَكْمِيل عَدَد الْعَشَرَة . اِنْتَهَى كَلَامه
( قَالَ وَيَقُول أَبُو هُرَيْرَة وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام وَيَقُول إِنَّ الْحَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثَالهَا )@

الصفحة 8