كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَظْهَر مِنْ حَدِيث زَيْد هَذَا أَنَّ الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الظُّهْر ، وَحَدِيث عَلِيّ الْمُتَقَدِّم يَدُلّ عَلَى أَنَّ صَلَاة الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْر وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَال بَعْد اِتِّفَاقهمْ عَلَى أَنَّهَا آكَد الصَّلَوَات ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الصُّبْح ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الْمَغْرِب ، وَغَيْر ذَلِكَ . قَالَ الْحَافِظ : شُبْهَة مَنْ قَالَ إِنَّ صَلَاة الْوُسْطَى الصُّبْح قَوِيَّة لَكِنَّ كَوْنهَا الْعَصْر هُوَ الْمُعْتَمَد . قَالَ التِّرْمِذِيّ هُوَ قَوْل أَكْثَر عُلَمَاء الصَّحَابَة اِنْتَهَى . وَقَالَ النَّوَوِيّ : وَالصَّحِيح مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَال قَوْلَانِ الْعَصْر وَالصُّبْح وَأَصَحّهمَا الْعَصْر لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة . وَقَالَ عَلِيّ الْقَارِي : وَالظَّاهِر أَنَّ هَذَا اِجْتِهَاد مِنْ الصَّحَابِيّ نَشَأَ مِنْ ظَنّه أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الظُّهْر فَلَا يُعَارَض نَصّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنَّهَا الْعَصْر اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ .
349 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مِنْ الْعَصْر رَكْعَة )
: قَالَ الْبَغَوِيُّ : أَرَادَ بِرَكْعَةٍ رُكُوعهَا وَسُجُودهَا فَفِيهِ تَغْلِيب
( وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْفَجْر رَكْعَة قَبْل أَنْ تَطْلُع الشَّمْس فَقَدْ أَدْرَكَ )
: قَالَ الْحَافِظ : الْإِدْرَاك الْوُصُول إِلَى الشَّيْء ، فَظَاهِره أَنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا بِالْإِجْمَاعِ ، فَقِيلَ يُحْمَل عَلَى أَنَّهُ أَدْرَكَ الْوَقْت فَإِذَا صَلَّى رَكْعَة أُخْرَى فَقَدْ كَمُلَتْ صَلَاته ، وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَة الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ وَلَفْظه " مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْح رَكْعَة قَبْل أَنْ تَطْلُع الشَّمْس وَرَكْعَة بَعْدَمَا تَطْلُع الشَّمْس فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاة " وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ@

الصفحة 82