كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 2)

وَجْه آخَر " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَة مِنْ الصُّبْح قَبْل أَنْ تَطْلُع الشَّمْس فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى " وَيُؤْخَذ مِنْ هَذَا الرَّدّ عَلَى الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ خَصَّ الْإِدْرَاك بِاحْتِلَامِ الصَّبِيّ وَطُهْر الْحَائِض وَإِسْلَام الْكَافِر وَنَحْوهَا ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ نُصْرَة مَذْهَبه فِي أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْح رَكْعَة تَفْسُد صَلَاته لِأَنَّهُ لَا يُكْمِلهَا إِلَّا فِي وَقْت الْكَرَاهَة . وَادَّعَى بَعْضهمْ أَنَّ أَحَادِيث النَّهْي عَنْ الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس نَاسِخَة لِهَذَا الْحَدِيث ، وَهِيَ دَعْوَى تَحْتَاج إِلَى دَلِيل فَإِنَّهُ لَا يُصَار إِلَى النَّسْخ بِالِاحْتِمَالِ ، وَالْجَمْع بَيْن الْحَدِيثَيْنِ مُمْكِن بِأَنْ يُحْمَل أَحَادِيث النَّهْي عَلَى مَا لَا سَبَب لَهُ مِنْ النَّوَافِل . وَلَا شَكّ أَنَّ التَّخْصِيص أَوْلَى مِنْ اِدِّعَاء النَّسْخ . وَمَفْهُوم الْحَدِيث أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ أَقَلّ مِنْ رَكْعَة لَا يَكُون مُدْرِكًا لِلْوَقْتِ اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة .
350 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( تِلْكَ صَلَاة الْمُنَافِقِينَ )
: قَالَ اِبْن الْمَلَك : إِشَارَة إِلَى مَذْكُور حُكْمًا أَيْ صَلَاة الْعَصْر الَّتِي أُخِّرَتْ إِلَى الِاصْفِرَار
( فَكَانَتْ )
: الشَّمْس
( بَيْن قَرْنَيْ شَيْطَان )
: أَيْ قَرِيبًا مِنْ الْغُرُوب قَالَ الْخَطَّابِيُّ : اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله عَلَى وُجُوه ، فَقَالَ قَائِل مَعْنَاهُ مُقَارَنَة الشَّيْطَان الشَّمْس عِنْد دُنُوّهَا لِلْغُرُوبِ عَلَى مَعْنَى مَا رُوِيَ أَنَّ الشَّيْطَان@

الصفحة 83