كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يطيل الركوع والسجود والاعتدالين زيادة على ما يفعله أكثر الأئمة ويعنادونه
وروايات الصحيحين تدل على ذلك
ففي الصحيحين عن حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال إني لا آلو أن أصلي بكم كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بنا
قال ثابت فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقول القائل قد نسي وإذا رفع رأسه في السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي
وفي لفظ وإذا رفع رأسه بين السجدتين
وفي رواية
للبخاري من حديث شعبة عن ثابت كان أنس ينعت لنا صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان يصلي
وإذا رفع رأسه من الركوع قام حتى نقول قد نسي وهذا يبين أن إطالة ركني الاعتدالين مما ضيع من عهد ثابت
ولهذا قال فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تفعلونه وهذا والله أعلم مما أنكره أنس مما أحدث الناس في الصلاة حيث قال ما أعلم شيئا مما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
قيل ولا الصلاة قال أو ليس قد أحدثتم فيها ما أحدثتم فقول ثابت أنهم لم يكونوا يفعلون كفعل أنس وقول أنس إنكم قد أحدثتم فيها يبين ذلك أن تقصير هذين الركنين هو مما أحدث فيها ومما يدل على أن السنة إطالتهما أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي بالليل فقرأ البقرة والنساء وآل عمران وركع نحوا من قيامه ورفع نحوا من ركوعه وسجد نحوا من قيامه وجلس نحوا من سجوده متفق عليه
وفي صحيح مسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد
لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت
ولا ينفع ذا الجد منك الجد
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد قال كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وفي صحيح مسلم نحوه من حديث عبد الله بن أبي أوفي
وزاد بعد قوله وملء ما شئت من شيء بعد اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب

الصفحة 108