كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

وفي الصحيحين عن البراء أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ في العشاء بالتين والزيتون في السفر وفي بعض السنن عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قرأ في الصبح بالمعوذتين وفي الصحيحين عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لمعاذ أفتان أنت يامعاذ هلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشى
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعفيف والسقيم والكبير وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء ورواه ابن ماجه من حديث عثمان بن أبي العاص
وفي صحيح مسلم عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة أو بالسورة القصيرة
فالجواب أنه لا تعارض بحمد الله بين هذه الأحاديث بل هي أحاديث يصدق بعضها بعضا
وأن ما وصفه أنس من تخفيف النبي صلى الله عليه و سلم صلاته هو مقرون بوصفه إياها بالتمام كما تقدم وهو الذي وصف تطويله ركني الاعتدال حتى كانوا يقولون قد أوهم ووصف صلاة عمر بن عبدالعزيز بأنها تشبه صلاة النبي صلى الله عليه و سلم مع أنهم قدروها بعشر تسبيحات والتخفيف الذي أشار إليه أنس هو تخفيف القيام مع تطويل الركوع والسجود كما جاء مصرحا به فيما رواه النسائي عن قتيبة عن العطاف بن خالد عن زيد بن أسلم قال دخلنا على أنس بن مالك فقال صليتم قلنا نعم قال ياجارية هلمي لنا وضوءا
ما صليت وراء إمام أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم من إمامكم هذا قال زيد وكان عمر بن عبدالعزيز يتم الركوع والسجود ويخفف القيام والقعود وهذا حديث صحيح فإن العطاف بن خالد المخزومي وثقه ابن معين وقال أحمد ثقة صحيح الحديث
وقد جاء هذا صريحا في حديث عمران بن حصين لما صلى خلف علي بالبصرة قال لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم وكانت صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم معتدلة كان يخفف القيام والقعود ويطيل الركوع والسجود وقد تقدم قول أنس كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم متقاربة وحديث البراء بن عازب أن قيامه صلى الله عليه و سلم وركوه وسجوده كان قريبا من السواء

الصفحة 113