كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

أَنَّ النَّشَاط فِي الْأُولَى يَكُون أَكْثَر فَنَاسَبَ التَّخْفِيف فِي الثَّانِيَة حَذَرًا مِنْ الْمَلَل اِنْتَهَى . وَيَأْتِي فِي الْبَاب حِكْمَة أُخْرَى لِتَطْوِيلِ الْأُولَى . وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اِسْتِحْبَاب تَطْوِيل الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَة ، وَجَمَعَ بَيْنه وَبَيْن حَدِيث سَعْد الْآتِي حَيْثُ قَالَ : أَمَدَّ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنَّ الْمُرَاد تَطْوِيلهمَا عَلَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا التَّسْوِيَة بَيْنهمَا فِي الطُّول . وَقَالَ مَنْ اِسْتَحَبَّ اِسْتِوَاءَهُمَا إِنَّمَا طَالَتْ الْأُولَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاح وَالتَّعَوُّذ وَأَمَّا فِي الْقِرَاءَة فَهُمَا سَوَاء . وَيَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْآتِي ، فَحَزَرْنَا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْر قَدْر ثَلَاثِينَ آيَة الْحَدِيث ، وَفِي رِوَايَة لِابْنِ مَاجَهْ أَنَّ الَّذِينَ حَزَرُوا ذَلِكَ كَانُوا ثَلَاثِينَ مِنْ الصَّحَابَة . وَادَّعَى اِبْن حِبَّان أَنَّ الْأُولَى إِنَّمَا طَالَتْ عَلَى الثَّانِيَة بِالزِّيَادَةِ فِي التَّرْتِيل فِيهَا مَعَ اِسْتِوَاء الْمَقْرُوء فِيهِمَا . وَقَدْ رَوَى مُسْلِم مِنْ حَدِيث حَفْصَة أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَتِّل السُّورَة حَتَّى تَكُون أَطْوَل مِنْ أَطْوَل مِنْهَا . ذَكَرَهُ الْحَافِظ
( وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْح )
: أَيْ يَقْرَأ فِي رَكْعَتَيْ الصُّبْح وَيُطَوِّل الْأُولَى وَيُقَصِّر الثَّانِيَة .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
( بِبَعْضِ هَذَا )
: أَيْ هَذَا الْحَدِيث الْمَذْكُور آنِفًا
( وَزَادَ )
: أَيْ الْحَسَن بْن عَلِيّ عَنْ يَزِيد عَنْ هَمَّام وَأَبَانَ كِلَيْهِمَا
( فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب )
: وَرَوَى مُسْلِم هَذِهِ الزِّيَادَة مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة عَنْ يَزِيد بْن هَارُون عَنْ أَبَان وَهَمَّام . قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح صَحِيح مُسْلِم . فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث كُلّهَا دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي جَمِيع الرَّكَعَات . وَلَمْ يُوجِب أَبُو حَنِيفَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي @

الصفحة 15