كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاة الَّتِي حَكَتْهَا عَائِشَة كَانَتْ فِي الْمَسْجِد وَاَلَّتِي حَكَتْهَا أُمّ الْفَضْل كَانَتْ فِي بَيْته كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ ، لَكِنْ يُعَكِّر عَلَيْهِ رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق عَنْ اِبْن شِهَاب فِي هَذَا الْحَدِيث بِلَفْظِ " خَرَجَ " إِلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَاصِب رَأْسه فِي مَرَضه فَصَلَّى الْمَغْرِب " الْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ : وَيُمْكِن حَمْل قَوْلهَا خَرَجَ إِلَيْنَا أَيْ مِنْ مَكَانه الَّذِي كَانَ رَاقِدًا فِيهِ إِلَى مَنْ فِي الْبَيْت فَصَلَّى بِهِمْ فَتَلْتَئِم الرِّوَايَات اِنْتَهَى
( يَقْرَأ بِهَا فِي الْمَغْرِب )
: هُوَ فِي مَوْضِع الْحَال أَيْ سَمِعْته فِي حَال قِرَاءَته . وَهَذَا الْحَدِيث يَرُدّ عَلَى مَنْ قَالَ التَّطْوِيل فِي صَلَاة الْمَغْرِب مَنْسُوخ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
688 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( يَقْرَأ بِالطُّورِ )
: أَيْ بِسُورَةِ الطُّور . قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْبَاء بِمَعْنَى مِنْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { يَشْرَب بِهَا عِبَاد اللَّه } وَهُوَ خِلَاف الظَّاهِر . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيث مَا يُشْعِر بِأَنَّهُ قَرَأَ السُّورَة كُلّهَا ، فَعِنْد الْبُخَارِيّ فِي التَّفْسِير بِلَفْظِ " سَمِعْته يَقْرَأ فِي الْمَغْرِب بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَة { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْر شَيْء أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ الْآيَات إِلَى قَوْله الْمُصَيْطِرُونَ } كَادَ قَلْبِي يَطِير " وَقَدْ اِدَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا دَلَالَة فِي شَيْء مِنْ الْأَحَادِيث عَلَى تَطْوِيل الْقِرَاءَة لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّهُ قَرَأَ بَعْض السُّورَة ، ثُمَّ اِسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيق هَيْثَم عَنْ الزُّهْرِيّ فِي حَدِيث جُبَيْر بِلَفْظِ " سَمِعْته يَقْرَأ { إِنَّ عَذَابَ رَبِّك لَوَاقِعٌ } " قَالَ فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ هَذِهِ السُّورَة هُوَ هَذِهِ الْآيَة خَاصَّة ، وَلَيْسَ فِي السِّيَاق مَا يَقْتَضِي قَوْله خَاصَّة ، وَحَدِيث الْبُخَارِيّ الْمُتَقَدِّم يُبْطِل هَذِهِ الدَّعْوَى ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَة أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقْرَأ : { وَالطُّور وَكِتَاب مَسْطُور } وَمِثْله لِابْنِ سَعْد وَزَادَ @

الصفحة 27