كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

690 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَاكَ مَنْسُوخ )
: أَيْ قِرَاءَة عُرْوَة فِي الْمَغْرِب بِنَحْوِ وَالْعَادِيَات وَشَبَههَا مِنْ السُّوَر يَدُلّ عَلَى أَنَّ التَّطْوِيل فِي قِرَاءَة الْمَغْرِب مَنْسُوخ . وَلَمْ يُبَيِّن الْمُؤَلِّف وَجْه الدِّلَالَة وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى عُرْوَة أَوَى الْخَبَر عَمِلَ بِخِلَافِهِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ اِطَّلَعَ عَلَى نَاسِخه . قَالَ الْحَافِظ : وَلَا يَخْفَى بَعْد هَذَا الْحَمْل ، وَكَيْف تَصِحّ دَعْوَى النَّسْخ وَأُمّ الْفَضْل تَقُول إِنَّ آخِر صَلَاة صَلَّاهَا بِهِمْ قَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ . اِنْتَهَى .
قُلْت : إِنْ سَلَكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة مَسْلَك النَّسْخ يَثْبُت نَسْخ قِرَاءَة الْقِصَار بِحَدِيثِ أُمّ الْفَضْل لَا الْعَكْس .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ عَلَى الْقَائِلِينَ بِاسْتِحْبَابِ الْقِصَار فِي الْمَغْرِب ، أَنَّهُمْ كَيْف قَالُوا بِهِ مَعَ ثُبُوت طُوَال الْمُفَصَّل بَلْ أَطْوَل مِنْهَا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَابُوا عَنْهُ بِثَلَاثَةِ وُجُوه . الْأَوَّل : أَنَّ تَطْوِيل الْقِرَاءَة لَعَلَّهُ كَانَ أَوَّلًا نَسَخَ ذَلِكَ وَتُرِكَ بِمَا وَرَدَ فِي قِرَاءَة الْمُفَصَّل . وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَعَلَّهُ فَرَّقَ السُّورَة الطَّوِيلَة فِي رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَقْرَأهَا بِتَمَامِهَا فِي رَكْعَة وَاحِدَة فَصَارَ قَدْر مَا قَرَأَ فِي الرَّكْعَة بِقَدْرِ الْقِصَار . وَالثَّالِث : أَنَّ هَذَا بِحَسَبِ اِخْتِلَاف الْأَحْوَال قَرَأَ بِالطِّوَالِ لِتَعْلِيمِ الْجَوَاز وَالتَّنْبِيه عَلَى أَنَّ وَقْت الْمَغْرِب مُمْتَدّ ، وَعَلَى أَنَّ قِرَاءَة الْقِصَار فِيهِ لَيْسَ بِأَمْرٍ حَتْمِيّ .
وَأَقُول الْجَوَابَانِ الْأَوَّلَانِ مَخْدُوشَانِ : أَمَّا الْأَوَّل فَلِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى اِحْتِمَال النَّسْخ@

الصفحة 30