كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

آيَات فَلَا دَلِيل عَلَيْهِ إِلَّا تَوَهُّم أَنَّهُ لَا يُسَمَّى دُون ذَلِكَ قُرْآنًا لِعَدَمِ إِعْجَازه كَمَا قِيلَ وَهُوَ فَاسِد لِصِدْقِ الْقُرْآن عَلَى الْقَلِيل وَالْكَثِير لِأَنَّهُ جِنْس . وَأَيْضًا الْمُرَاد مَا يُسَمَّى قُرْآنًا مَا يُسَمَّى مُعْجِزًا وَلَا تَلَازُم بَيْنهمَا ، وَكَذَلِكَ التَّقْدِير بِالْآيَةِ الطَّوِيلَة . نَعَمْ لَوْ كَانَ حَدِيث أَبِي سَعِيد الَّذِي عِنْد اِبْن مَاجَهْ بِلَفْظِ لَا صَلَاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ فِي كُلّ رَكْعَة بِالْحَمْدِ وَسُورَة فِي فَرِيضَة أَوْ غَيْرهَا صَحِيحًا لَكَانَ مُفَسِّرًا لِلْمُبْهَمِ فِي الْأَحَادِيث مِنْ قَوْله فَمَا زَادَ وَقَوْله فَصَاعِدًا وَقَوْله مَا تَيَسَّرَ وَلَكَانَ دَالًّا عَلَى وُجُوب الْفَاتِحَة وَسُورَة فِي كُلّ رَكْعَة وَلَكِنَّهُ ضَعِيف ، وَقَدْ عُورِضَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيث بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ فِي كُلّ صَلَاة يَقْرَأ فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَعْنَاكُمْ وَمَا أَخْفَى عَنَّا أَخْفَيْنَا عَنْكُمْ وَإِنْ تَزِدْ عَلَى أُمّ الْقُرْآن أَجْزَأَتْ وَإِنْ زِدْت فَهُوَ خَيْر ، وَلَكِنَّ الظَّاهِر مِنْ السِّيَاق أَنَّ قَوْله وَإِنْ لَمْ تَزِدْ إِلَخْ لَيْسَ مَرْفُوعًا وَلَا مِمَّا لَهُ حُكْم الرَّفْع فَلَا حُجَّة فِيهِ . وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو عَوَانَة هَذَا الْحَدِيث كَرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِي آخِره وَسَمِعْته يَقُول لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب . قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : وَظَاهِر سِيَاقه أَنَّ ضَمِير سَمِعْته لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُون مَرْفُوعًا بِخِلَافِ رِوَايَة الْجَمَاعَة ، ثُمَّ قَالَ نَعَمْ قَوْله مَا أَسْمَعَنَا وَمَا أَخْفَى عَنَّا يُشْعِر بِأَنَّ جَمِيع مَا ذَكَرَهُ مُتَلَقًّى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُون لِلْجَمِيعِ حُكْم الرَّفْع اِنْتَهَى . وَهَذَا الْإِشْعَار فِي غَايَة الْخَفَاء بِاعْتِبَارِ جَمِيع الْحَدِيث فَإِنْ صَحَّ جُمِعَ بَيْنه وَبَيْن الْأَحَادِيث الْمُصَرِّحَة بِزِيَادَةِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآن بِحَمْلِهَا عَلَى الِاسْتِحْبَاب اِنْتَهَى حَاصِل كَلَام الشَّوْكَانِيِّ وَحَدِيث أَبِي سَعِيد أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي جُزْء الْقِرَاءَة . قَالَ اِبْن سَيِّد النَّاس إِسْنَاده صَحِيح وَرِجَاله ثِقَات ، وَقَالَ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص إِسْنَاده صَحِيح .@

الصفحة 36