كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

صَلَاة وَأَنَّ الصَّلَاة إِذَا لَمْ يُقْرَأ فِيهَا الْفَاتِحَة فَهِيَ نَاقِصَة نَقْص فَسَاد وَبُطْلَان لِأَنَّ الْخِدَاج النُّقْصَان وَالْفَسَاد ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلهمْ أَخَدَجَتْ النَّاقَة وَخَدَجَتْ إِذَا وَلَدَتْ قَبْل تَمَام وَقْتهَا وَقَبْل تَمَام الْخَلْق وَذَلِكَ نِتَاج فَاسِد . وَقَدْ زَعَمَ الْحَنَفِيَّة أَنَّ قَوْله خِدَاج يَدُلّ عَلَى جَوَاز الصَّلَاة لِأَنَّهُ النُّقْصَان وَالصَّلَاة النَّاقِصَة جَائِزَة ، وَهَذَا تَحَكُّم فَاسِد
( غَيْر تَمَام )
: بَيَان خِدَاج أَوْ بَدَل مِنْهُ وَقِيلَ إِنَّهُ تَأْكِيد .
699 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَغَمَزَ ذِرَاعِي )
: أَيْ كَبَسَ سَاعِدِي . قَالَ الْبَاجِيّ : هُوَ عَلَى مَعْنَى التَّأْنِيس لَهُ وَتَنْبِيه عَلَى فَهْم مُرَاده وَالْبَعْث لَهُ عَلَى جَمْع ذِهْنه وَفَهْمه لِجَوَابِهِ
( اِقْرَأْ بِهَا يَا فَارِسِيّ فِي نَفْسك )
: مَعْنَاهُ اِقْرَأْهَا سِرًّا بِحَيْثُ تُسْمِع نَفْسك ، وَأَمَّا مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَعْض الْمَالِكِيَّة وَغَيْرهمْ أَنَّ الْمُرَاد تَدَبُّر ذَلِكَ وَتَذَكُّره فَلَا يُقْبَل لِأَنَّ الْقِرَاءَة لَا تُطْلَق إِلَّا عَلَى حَرَكَة اللِّسَان بِحَيْثُ يُسْمِع نَفْسه ، وَلِهَذَا اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْجُنُب لَوْ تَدَبَّرَ الْقُرْآن بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْر حَرَكَة لِسَانه لَا يَكُون قَارِئًا مُرْتَكِبًا لِقِرَاءَةِ الْجُنُب الْمُحَرَّمَة . قَالَهُ النَّوَوِيّ .
( قَسَمْت الصَّلَاة بَيْنِي وَبَيْن عَبْدِي نِصْفَيْنِ )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد بِالصَّلَاةِ الْقِرَاءَة ، يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد التَّفْسِير لَهُ وَالتَّفْصِيل لِلْمُرَادِ مِنْهُ إِذَا قَالَ الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ يَقُول اللَّه تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي إِلَى آخِر السُّورَة . وَقَدْ سُمِّيَ الْقُرْآن صَلَاة لِوُقُوعِهَا فِي الصَّلَاة وَكَوْنهَا جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهَا . قَالَ اللَّه تَعَالَى { وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِك وَلَا تُخَافِت بِهَا } أَيْ قِرَاءَتك . وَقَالَ تَعَالَى { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآن الْفَجْر كَانَ مَشْهُودًا } أَيْ صَلَاة الْفَجْر ، فَسَمَّى الصَّلَاة مَرَّة @

الصفحة 39