كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

مَضَرَّة وَنَحْوهمَا
( اِقْرَءُوا )
: لَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَة فِي رِوَايَة مُسْلِم
( يَقُول الْعَبْد )
: وَفِي رِوَايَة مُسْلِم فَإِذَا قَالَ الْعَبْد
( حَمِدَنِي عَبْدِي إِلَى قَوْله مَجَّدَنِي عَبْدِي )
: قَالَ النَّوَوِيّ : إِنَّمَا قَالَهُ لِأَنَّ التَّحْمِيد الثَّنَاء بِجَمِيلِ الْفِعَال ، وَالتَّمْجِيد الثَّنَاء بِصِفَاتِ الْجَلَال ، وَيُقَال : أَثْنَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلّه . وَلِهَذَا جَاءَ جَوَابًا لِلرَّحْمَنِ الرَّحِيم لِاشْتِمَالِ اللَّفْظَيْنِ عَلَى الصِّفَات الذَّاتِيَّة وَالْفِعْلِيَّة
( يَقُول الْعَبْد إِيَّاكَ نَعْبُد )
: أَيْ نَخُصّك بِالْعِبَادَةِ
( وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين )
: أَيْ نَخُصّك بِالِاسْتِعَانَةِ
( فَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْن عَبْدِي )
: لِأَنَّ الْعِبَادَة لِلَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِعَانَة مِنْ اللَّه . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : إِنَّمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى هَذَا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَذَلُّل الْعَبْد لِلَّهِ وَطَلَبه الِاسْتِعَانَة مِنْهُ وَذَلِكَ يَتَضَمَّن تَعْظِيم اللَّه وَقُدْرَته عَلَى مَا طُلِبَ مِنْهُ
( يَقُول الْعَبْد اِهْدِنَا الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم إِلَى آخِر السُّورَة )
: إِنَّمَا كَانَ هَذَا لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ سُؤَال يَعُود نَفْعه إِلَى الْعَبْد
( فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي )
: وَفِي رِوَايَة مُسْلِم " فَهَذَا لِعَبْدِي " قَالَ النَّوَوِيّ : هَكَذَا هُوَ فِي صَحِيح مُسْلِم وَفِي غَيْره " فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي " وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَة دَلِيل عَلَى أَنَّ اِهْدِنَا وَمَا بَعْده إِلَى آخِر السُّورَة ثَلَاث آيَات لَا آيَتَانِ ، وَفِي الْمَسْأَلَة خِلَاف مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَة مِنْ الْفَاتِحَة أَمْ لَا ، فَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْأَكْثَرِينَ أَنَّهَا مِنْ الْفَاتِحَة وَأَنَّهَا آيَة وَاهْدِنَا وَمَا بَعْده آيَتَانِ ، وَمَذْهَب مَالِك وَغَيْره ، مِمَّنْ يَقُول إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَة ، يَقُول اِهْدِنَا وَمَا بَعْده ثَلَاث آيَات ، وَلِلْأَكْثَرِينَ أَنْ يَقُولُوا قَوْله هَؤُلَاءِ ، الْمُرَاد بِهِ الْكَلِمَات لَا الْآيَات بِدَلِيلِ رِوَايَة مُسْلِم " فَهَذَا لِعَبْدِي " وَهَذَا أَحْسَن مِنْ الْجَوَاب بِأَنَّ الْجَمْع مَحْمُول عَلَى الِاثْنَيْنِ ، لِأَنَّ هَذَا مَجَاز عِنْد الْأَكْثَرِينَ ، فَيُحْتَاج إِلَى دَلِيل عَلَى صَرْفه عَنْ الْحَقِيقَة إِلَى الْمَجَاز . اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَدْ يَسْتَدِلّ بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ لَا يَرَى التَّسْمِيَة آيَة مِنْ فَاتِحَة@

الصفحة 41