كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

الْكِتَاب وَقَالُوا لَوْ كَانَتْ آيَة لَذُكِرَتْ كَمَا ذُكِرَ سَائِر الْآي فَلَمَّا بَدَأَ بِالْحَمْدِ دَلَّ أَنَّهُ أَوَّل آيَة مِنْهَا وَأَنَّهُ لَا حَظّ لِلتَّسْمِيَةِ فِيهَا .
وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِيهَا ، فَقَالَ قَوْم : هِيَ آيَة مِنْ فَاتِحَة الْكِتَاب ، وَهُوَ قَوْل اِبْن عَبَّاس وَأَبِي هُرَيْرَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء وَابْن الْمُبَارَك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَأَبِي عُبَيْد ، وَقَالَ آخَرُونَ : لَيْسَتْ التَّسْمِيَة مِنْ فَاتِحَة الْكِتَاب ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْمُغَفَّل ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَاب الرَّأْي وَهُوَ قَوْل مَالِك وَالْأَوْزَاعِيِّ . اِنْتَهَى . وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَة إِلَّا الْبُخَارِيّ وَابْن مَاجَهْ .
700 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ مَحْمُود بْن الرَّبِيع )
: فِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيّ عَنْ سُفْيَان حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ سَمِعْت مَحْمُود بْن الرَّبِيع ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَة صَالِح بْن كَيْسَانَ عَنْ اِبْن شِهَاب أَنَّ مَحْمُود بْن الرَّبِيع أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت أَخْبَرَهُ ، وَبِهَذَا التَّصْرِيح بِالْإِخْبَارِ يَنْدَفِع تَعْلِيل مَنْ أَعَلَّهُ بِالِانْقِطَاعِ لِكَوْنِ بَعْض الرُّوَاة أَدْخَلَ بَيْن مَحْمُود وَعُبَادَةَ رَجُلًا ، وَهِيَ رِوَايَة ضَعِيفَة عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ . قَالَهُ الْحَافِظ
( لَا صَلَاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب )
: فِيهِ دَلَالَة صَرِيحَة وَاضِحَة عَلَى أَنَّ كُلّ صَلَاة لَا تُقْرَأ فِيهَا فَاتِحَة الْكِتَاب لَا تَصِحّ وَلَا تَجُوز ، لِأَنَّ النَّفْي فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاة يَتَوَجَّه إِلَى الذَّات إِنْ أَمْكَنَ اِنْتِفَاؤُهَا وَإِلَّا تَوَجَّهَ إِلَى مَا هُوَ أَقْرَب إِلَى الذَّات وَهُوَ الصِّحَّة لَا إِلَى الْكَمَال لِأَنَّ الصِّحَّة أَقْرَب الْمَجَازَيْنِ وَالْكَمَال أَبْعَدهمَا ، وَالْحَمْل عَلَى أَقْرَب الْمَجَازَيْنِ وَاجِب ، وَتَوَجُّه النَّفْي هَاهُنَا إِلَى الذَّات مُمْكِن كَمَا قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح لِأَنَّ الْمُراد بِالصَّلَاةِ @

الصفحة 42