كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

السُّكُوت مَقُول الْقَوْل
( وَالْإِمَام يَخْطُب )
: جُمْلَة حَالِيَّة مُشْعِرَة بِأَنَّ اِبْتِدَاء الْإِنْصَات مِنْ الشُّرُوع فِي الْخُطْبَة خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِخُرُوجِ الْإِمَام ، نَعَمْ الْأَحْسَن الْإِنْصَات
( فَقَدْ لَغَوْت )
: قَالَ النَّوَوِيّ : وَمَعْنَى فَقَدْ لَغَوْت أَيْ قُلْت اللَّغْو وَهُوَ الْكَلَام الْمَلْغِيّ السَّاقِط الْبَاطِل الْمَرْدُود ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ قُلْت غَيْر الصَّوَاب ، وَقِيلَ تَكَلَّمْت بِمَا لَا يَنْبَغِي فَفِي الْحَدِيث النَّهْي عَنْ جَمِيع أَنْوَاع الْكَلَام حَال الْخُطْبَة ، وَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى مَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ أَنْصِتْ وَهُوَ فِي الْأَصْل أَمْر بِمَعْرُوفٍ وَسَمَّاهُ لَغْوًا فَغَيْره مِنْ الْكَلَام أَوْلَى ، وَإِنَّمَا طَرِيقه إِذَا أَرَادَ بِهِ نَهْي غَيْره عَنْ الْكَلَام أَنْ يُشِير إِلَيْهِ بِالسُّكُوتِ إِنْ فَهِمَهُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَهْمه فَلْيُفْهِمْهُ بِكَلَامٍ مُخْتَصَر وَلَا يَزِيد عَلَى أَقَلّ مُمْكِن . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْكَلَام هَلْ هُوَ حَرَام أَوْ مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ . قَالَ الْقَاضِي قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَعَامَّة الْعُلَمَاء يَجِبُ الْإِنْصَاتُ لِلْخُطْبَةِ . وَحُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيّ وَبَعْض السَّلَف أَنَّهُ لَا يَجِب إِلَّا إِذَا تَلَا فِيهَا الْقُرْآن قَالَ وَاخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ يَسْمَع الْإِمَام هَلْ يَلْزَمهُ الْإِنْصَات كَمَا لَوْ سَمِعَهُ ، فَقَالَ الْجُمْهُور يَلْزَمهُ ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ لَا يَلْزَمُهُ . وَفِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَالْإِمَام يَخْطُب " دَلِيل عَلَى أَنَّ وُجُوب الْإِنْصَات وَالنَّهْي عَنْ الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ فِي حَال الْخُطْبَة ، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْجُمْهُور . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة يَجِبُ الْإِنْصَاتُ بِخُرُوجِ الْإِمَام .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
939 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ )
: أَيْ اِتَّصَفُوا بِأَوْصَاف ثَلَاثَة ( فَرَجُل ) : كَذَا فِي بَعْض النُّسَخ بِالْفَاءِ وَفِي بَعْضهَا رَجُل بِحَذْفِهَا وَالْفَاء تَفْصِيلِيَّة لِأَنَّ التَّقْسِيم حَاصِرٌ@

الصفحة 461