كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)
اللَّيْث عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر " فَقَعَدَ سُلَيْك قَبْل أَنْ يُصَلِّي "
( فَقَالَ )
لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( أَصَلَّيْت )
بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام
( قَالَ قُمْ فَارْكَعْ )
وَالْحَدِيث فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ تَحِيَّة الْمَسْجِد تُصَلَّى حَال الْخُطْبَة ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا طَائِفَة مِنْ الْفُقَهَاء وَالْمُحَدِّثِينَ وَيُخَفِّفهُمَا لِيَفْرُغَ لِسَمَاعِ الْخُطْبَة . وَذَهَبَ جَمَاعَة مِنْ السَّلَف إِلَى عَدَم شَرْعِيَّتهمَا حَال الْخُطْبَة ، وَالْحَدِيث هَذَا حُجَّة عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ تَأَوَّلُوهُ بِأَحَدَ عَشَر تَأْوِيلًا كُلّهَا مَرْدُودَة سَرَدَهَا الْحَافِظ فِي فَتْح الْبَارِي بِرُدُودِهَا ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا } وَلَا دَلِيل فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّ هَذَا خَاصّ وَذَلِكَ عَامّ ، وَلِأَنَّ الْخُطْبَة لَيْسَتْ قُرْآنًا وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الرَّجُل أَنْ يَقُول لِصَاحِبِهِ وَالْخَطِيب يَخْطُب أَنْصِتْ وَهُوَ أَمْر بِمَعْرُوفٍ وَجَوَابه أَنَّ هَذَا أَمْر الشَّارِع وَهَذَا أَمْر الشَّارِع فَلَا تَعَارُض بَيْن أَمْرَيْهِ بَلْ الْقَاعِد يُنْصِت وَالدَّاخِل يَرْكَع التَّحِيَّة كَذَا فِي السُّبُل . وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
942 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( سُلَيْك )
: بِضَمِّ السِّين وَفَتْح اللَّام
( الْغَطَفَانِيّ )
: بِفَتَحَاتِ
( صَلِّ رَكْعَتَيْنِ )
: حَمَلَهُمَا الشَّافِعِيَّة عَلَى تَحِيَّة الْمَسْجِد فَإِنَّهَا وَاجِبَة عِنْدهمْ ، وَكَذَا عِنْد أَحْمَد ، وَعِنْد الْحَنَفِيَّة لَمَّا لَمْ تَجِب فِي غَيْر وَقْت الْخُطْبَة لَمْ تَجِب فِيهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ، وَهُوَ مَذْهَب مَالِك وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ . كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر فَقَطْ ، وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ بِالْإِسْنَادَيْنِ .@
الصفحة 465