كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

أَوْ تَخْرُج )
: فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ النَّافِلَة الرَّاتِبَة وَغَيْرهَا يُسْتَحَبّ أَنْ يَتَحَوَّل لَهَا عَنْ مَوْضِع الْفَرِيضَة إِلَى مَوْضِع آخَر وَأَفْضَله التَّحَوُّل إِلَى بَيْته وَإِلَّا فَمَوْضِع آخَر مِنْ الْمَسْجِد أَوْ غَيْره لِيُكْثِر مَوَاضِع سُجُوده وَلِتَنْفَصِل صُورَة النَّافِلَة عَنْ صُورَة الْفَرِيضَة وَقَوْله حَتَّى تَتَكَلَّم عَلَى أَنَّ الْفَصْل بَيْنهمَا يَحْصُل بِالْكَلَامِ أَيْضًا ، وَلَكِنْ بِالِانْتِقَالِ أَفْضَل قَالَهُ النَّوَوِيّ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم .
955 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَصَلَّى الْجُمُعَة تَقَدَّمَ )
: لِيَفْصِل بَيْنهمَا بِالْمَشْيِ وَاخْتِلَاف الْمَكَان
( فَقِيلَ لَهُ )
: أَيْ سَأَلُوهُ عَنْ سَبَب ذَلِكَ . وَفِي النَّيْل ، وَكَوْن اِبْن عُمَر بْن الْخَطَّاب كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّة بَعْد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرْبَعًا ، وَإِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ صَلَّى بَعْدهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْته فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ عِلْم وَلَا ظَنّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَل بِمَكَّة ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ رَفْع فِعْله بِالْمَدِينَةِ فَحَسْب لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحّ أَنَّهُ صَلَّى الْجُمُعَة بِمَكَّة ، وَعَلَى تَقْدِير وُقُوعه بِمَكَّة مِنْهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَكْثَر الْأَوْقَات بَلْ نَادِرًا أَوْ رُبَّمَا كَانَتْ الْخَصَائِص فِي حَقّه بِالتَّخْفِيفِ فِي بَعْض الْأَوْقَات فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَطَبَ اِحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْته وَاشْتَدَّ غَضَبه كَأَنَّهُ مُنْذِر جَيْش الْحَدِيث ، فَرُبَّمَا لَحِقَهُ تَعَب مِنْ ذَلِكَ فَاقْتَصَرَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَيْته وَكَانَ يُطِيلهُمَا كَمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ :@

الصفحة 480